الصوم عبادة عظيمة، والله تكفلَ للصائم أجرُها ففي الحديث: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)
فعند الكريم سبحانه ثوابه فإذاً ابشر بوافر العطاء وجزيل الثواب من الكريم المتعال.
والمقصود من الصيام حبس النفس عن ملذاتها وتركها لشهواتها، وابتعادها عن
مألوفاتها قربةً ومحبةً لمرضات ربها، لتستعد لطلب سعادتها في دنياها واُخراها
ويذكر بالصيام الأكباد
الجياع من المساكين، ويضيق مجرى الشيطان، ويحبس قوى الأعضاء من الاسترسال
فيما يضرها في معاشها، وتستبدل السيء بالحسن، فهو لجام المتقين، وجنة المؤمنين
ورياضة الأبرار والصالحين، وهو لرب العالمين من بين سائر أعمال الدين، فإن الصائم
إنما يترك طعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو سر بين العبد ومولاه، لا يعلم به سواه.
للصيام تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة ..
والقوى الباطنة، فهو يقوي المناعة، ويخلص الجسم من السموم الضارة وسيء الأسقام.
فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات
فهو من أكبر العون على التقوى قال تعالى:ﭐ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (والصَّوْمُ جُنَّةٌ) أي يقي صاحبه ما يؤذيه
من الشهوات، والجُنَّةُ الوقاية.
وكان هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أكمل هديّ، وأعظمه تحصيلاً
للمقصود، وأسهله على النفوس.
ولما كان حبس النفوس عن مألوفاتها، وحملها على ترك شهواتها من أصعب الأمور
تأخر فرض صيام شهر رمضان إلى السنة الثانية من الهجرة، وجاء بالتدريج فكان
في أول الأمر بالتخيير بين الصيام والإطعام ثم نسخ بالصيام وبقي الإطعام للشيخ
الكبير والمرأة الحامل والمرضع ورخص للمريض والمسافر الفطر والقضاء.