ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يزال الدِّينُ ظاهراً ما عجَّل الناس
الفِطْر ؛ لأن اليهود والنصارى يؤخِّرون " رواه أبو داود بهذا اللفظ ، وأصله في
الصحيحين .
فتأمل في تلك المفارقة الكبيرة والمفاصلة المتميزة بين هذه الأمة المحمدية وغيرها
حتى في مجال الطعام .
إنَّ هذا ليس هذا مقصوداً لذاته وحسب بل لمقصد عظيم من مقاصد الشريعة الغرَّاء
تساهل فيه كثيرٌ من الناس اليوم ألا وهو تميز هذه الأمة ومفاصلتها للأمم الأخرى
لتستقلَّ عنها في كل مجال دينياً كان أو حياتياً في الاقتصاد أو السياسة أو الأخلاق
أو غير ذلك .
وهذا ما لاحظه اليهود منذ بواكير الرسالة المحمدية وأزعجهم كثيراً حتى قالوا:
ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه كما جاء في صحيح مسلم
من حديث أنس بن مالك t .
أفبعد كلِّ ذلك يتساهل بعض إخواننا وأخواتنا فيتأثروا بما ينعق به السُّذَّج
ويستجيبون لدعوات ( العولمة ) .
( عولمةٌ ) في ماذا ؟؟
( عولمةٌ ) في الاقتصاد والسياسة والأخلاق وغيرها .
بل وحتى ( عولمةٌ دينية ) ليتم مزج ( أديان ) الشعوب ، حتى دين الله الحق
الإسلام فيتم بعد ذلك فرض أو ما يسمى ( وحدة الأديان ) وفق تصوراتٍ إفرنجية
منحرفة على غرار ما حرَّفوا به مِلَلَهم ، وعلى نسق حياة ( المجون ) لديهم .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن
يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ من كان
قبلكم شِبراً بشِبر وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لتبعتموهم قال
الصحابة : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن " ؟
وصحَّ عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ومن تشبه بقومٍ فهو منهم
"رواه الإمام أحمد وأبو داود بسند جيد .
وإنَّ الأمة بجميع أفرادها ـ ذكوراً وإناثاً ـ مدعوةٌ لأن تراجع مسارها في حياتها ،
ومدى ما أخلَّت به في هذه القضية ( الاستراتيجية ) كي يعود لها ما فاتها من
عِزَّةٍ وعُلُوٍّ كريم .