قال تعالى:
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" الزمر : 53
هذه أرجى آية في كتاب الله لاشتمالها على قصرها على سبع بشارات جملة
واحدة، فإنه سبحانه:
1. أضاف العباد إلى نفسه واختصهم بأحب المقامات إليه - مقام العبودية -
مدحا لهم بقصد تشريفهم، ومزيد تبشيرهم، وطمأنتهم بأنهم لا زالوا مشمولين
بانتسابهم إليه ورعايته لهم.
2. وذلك رغم ما كان منهم من إسراف في المعاصي واستكثار من الذنوب لا
تضره سبحانه بل تضرهم وهي بمثابة جناية على"أَنْفُسِهِمْ ".
3. ثم جاء النهي المطلق عن القنوط من رحمة الله لهؤلاء المستكثرين من
الذنوب، والنهي عن القنوط للمذنبين غير المسرفين أولى
4. ثم جاءت الحقيقة الحاسمة : }إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب { ، بما لا يدع مجالا
للشك، وجاءت الألف واللام لتعلن أن الله يغفر كلَّ ذنب كائنا ما كان
5. ثم لم يكتف الله بما أخبر به من مغفرة كل ذنب بل أكَّد ذلك بتوكيد آخر في
قوله : جَمِيعاً ثم علل سبحانه هذا الكلام قائلا:
6. إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ: أي كثير المغفرة، والمغفرة هي التغطية والستر، بمعنى
التغطية على الذنوب والعفو عنها، والغفور وصف لازم لا ينفك عنه سبحانه
مهما عظم الذنب أو تكرَّر من العبد .. نعم .. مهما عظم الذنب أو تكرَّر من
العبد
7. الرَّحِيمُ: الذي يعلم ضعف عباده وعجزهم، ويعلم العوامل المسلطة عليهم من
داخلهم من نفس أمارة بالسوء وميول وشهوات وهوى وآفات، ومن خارجهم من
شياطين تتربص بهم وتقعد لهم كل مرصد، وأعوان لإبليس من الإنس يستبسلون
في بلوغ غايتهم وبذل طاقتهم من أجل إشاعة الفاحشة في المؤمنين
ب - تكبيرات الفرح المدوِّية
عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى النبي فقال: أرأيت من عمل الذنوب كلها
ولم يترك منها شيئا وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها، فهل لذلك
من توبة ؟
قال : فهل أسلمت ؟
قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله .
قال : تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن.
قال : وغدراتي وفجراتي ؟
قال : نعم.
قال : الله أكبر، فما زال يُكبِّر حتى توارى.