إذا ابتُلي العبد بعدم التوفيق للطاعة:
فالله _ عز وجل _ يُذيق عبده ألم الحجاب عنه، وزوال الأُنس به
والقُرب منه؛ ليمتحن عبده ..
فإن أقام العبد على الرضا والحال،ولم يجد نفسه تُطالبه بحالها الأول
مع الله،
بل اطمأنت وسكنت إلى غيره ..
علِم أنه لا يصلُح،
فوضعه في مرتبته التي تُليق به
وإن استغاث استغاثة الملهوف، وتَقَلَّقَ تَقَلُّقَ المكروب، ودعاه دعاء
المضطر، وعلِم أنه قد فاتته حياته حقَّاً،
فهو يهتف بربه أن يرد عليه ما لا حياة له بدونه ..
علِم أنه موضعٌ لما أُهِّلَ له،
فردَّ عليه أحوج ما هو محتاج إليه،
فعظِمت به فرحته،
وكمُلت به لذته،
وتمت به نعمته،
واتصل به سروره، وعلِم حينئذٍ مقداره، فعضَّ عليه بالنواجذ
وثنَّى عليه بالخناصر ..
فالعبد إذا بُليَ بَعْدَ الأُنْسِ بالوحشة ..
وبعد القُرب بنار البِعاد ..
اشتاقت نفسه إلى لذة تلك المعاملة ..
فحنَّتْ، وأنَّتْ، وتصدَّعت، وتعرضت لنفحات مَنْ ليس لها عنه
عوضٌ أبداً ..
ولاسيما إذا تذكر برَّه، ولطفه، وحنانه، وقربه
ابن_القيم -رحمه الله-
مفتاح_دار_السعادة