وتسمى أم الكتاب لأنها مفتتحه ومبدؤه وكأن منها أصله ومنشأه .
سميت بالفاتحة لأنها مفتاح القرآن الكريم ، وقد اشتملت على كل معانيه ،
وتدور سورة الفاتحة حول ثلاثة محاور ، وهي المحاور العامة التي يدور
حولها القرآن الكريم ككل :
العقيدة : (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2} الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ {3} مَالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ {4} )
العبادة : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5} )
منهج الحياة : (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ
غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7})
لنتأمل معا كيف تترابط السورة وتتناسق من معنى إلى معنى ومن مقصد إلى
مقصد
لقد افتتحت متوّجة باسم الله تعالى الإله المعبود المستحق لإفراده بالعبادة .
وانتقلت لحمده تعالى ، ( الحمد لله رب العالمين ) وهو الثناء على الله
بصفات الكمال ، فله الحمد الكامل بجميع الوجوه ، وهو تعالى المنفرد
بالخلق والتدبير لشؤون الخلق .
ثم انتقلت إلى الاستدلال بأن الاستعانة إنما هي به تعالى وحده وذلك بإضافة
الاسم إلى لفظ الجلالة الجامع لصفات الكمال وبوصفه تعالى أنه (الرَّحْمـنِ
الرَّحِيمِ {3}) وأنه تعالى المالك الذي اتصف بصفة الملك الذي يتصرف
بمماليكه بجميع أنواع التصرفات وأصناف الملك إلى يوم الدّين .
( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ {4})
وبينت الآيات وحدانيته تعالى في ألوهيته وربوبيته : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ {5}) وفيها إثبات الحكم لله تعالى ونفيه عمّن سواه .
وانتقلت إلى بيان المطمح الأعلى للإنسان ، وأن هذا المطمح الأعلى هو
الهداية إلى الصراط المستقيم : (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6})
وختمت ببيان الطريق الصحيح والصراط الواضح الموصل إلى الله وهو
صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وليس طريق الضالين
من اليهود والنصارى .