العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج يَجُبُّ ما قبله.. فعن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ حَجَّ للهِ
فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
وكذلك عن أبي هريرة عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ
الجَنَّةُ».
وعن ابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة
الموت، فبكى طويلاً وحوَّل وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما
بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أما بشرك رسول الله صلى الله عليه
وسلم بكذا قال: فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمدًا رسول الله، إني قد كنت على أطباق ثلاث؛ لقد رأيتني وما أحد أشد
بغضًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني، ولا أحب إليَّ أن أكون قد استمكنتُ
منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنتُ من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام
في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ
يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي قَالَ:«مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قَالَ:قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ.
قَالَ: «تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟» قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ
مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟».
لقد عُدْتَ الآن نظيفًا من الذنوب، خفيفًا من الأحمال والأثقال..
فوصيتي لك: انطلق
بعد أن صارت صفحتك بيضاء؛ أمامك الفرصةُ بقلبك الأبيض، وروحك الشفافة
أن تطير في سماء الأعمال الصالحة..
لا تتباطأ.. ولا تتكاسل
لا ترجع.. ولا تنكص
لا تملّ.. ولا تكلّ
انطلق بكل طاقتك في سبيل الله.. فقد لا تُدرك حجًّا آخر، أو عمرة أخرى،
وقد لا تعود الفرصة..
ما أجمل أن تلقى الله وأنت على هذه الهيئة
فادعُ الله دومًا بالتثبيت واسأله الموت على الطاعة فلعلَّه يبعثك يوم القيامة
ملبيًا: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك..
لا شريك لك.