يحكى أن أحد الملوك خرج في نزهة بين الحقول وهو في سعيد مما هو فيه
من نعمة وعندما مر على أحد الحقول رأى فلاحاً سعيداً للغاية يحرث الأرض
ويغني وكأن لا شيء من هموم الدنيا قد أصابته فاستغرب هذا الملك من هذا
الأمر وفكر في حال هذا الفلاح بالتأكيد أن ما يقوم به شاق وأنه لن يحقق له
هذا الدخل الذي يجعله يرتاح كل هذه الراحة وذهب للفلاح ليسأله ويسفسر منه
عن وضعه وسبب سعادته
اقترب الملك من الفلاح وسأله : أيها الفلاح هل هذه الأرض أرضه
أجاب الفلاح : لا يا سيدي إنها أرض أقوم على رعايتها لصاحبها
زاد استغراب الملك وتابع الأسئلة
الملك : وكم أجرك لقاء هذا التعب الذي تبذله ؟
الفلاح : آخذ أربعة قروش يومياً نظير تعبي
الملك : وهل تكفيك الأربعة قروش
الفلاح : نعم سيدي تكفيني لكل حاجاتي
قرش أصرفه على عيشي ، وقرش أسدد به ديني
وقرش أسلفه لغيري ، وقرش أنفقه في سبيل الله
الملك : هذا لغز
الفلاح : سأشرح لك ما أعنيه يا سيدي
القرش الذي أصرفه على عيشي هو القرش الذي أعيش به أنا وزوجتي
أما القرش الذي أسدد به ديني فهو القرش الذي أنفقه على أبي وأمي
والقرش الذي أسلفه لغيري هو القرش الذي أعطيه لأولادي وسيردونه
لي عند كبري إن كبرت كما أفعل الآن مع والداي والقرش الذي أنفقه
في سبيل الله فهو قرش أصرفه لشراء دواء لأختي المريضة
أعجب الملك بما قاله هذا الرجل ومن حسن توزيعه لقليل من المال
الذي بحوزته بحيث لم يقصر مع أحد واكتفى بقناعته ورغب في الأجر
وأمر بترك مبلغاً كبيراً من المال للرجل وودعه وهو يشعر بسعادة ممتزجة
بالحزن من حال البسطاء الذين لا يقصرون مع من هم أبسط منهم
همسة : إذا أعطاك الله لا تبخل على أقرب الناس إليك وأولاهم بك
ولا تقل مصروفي لا يكفيني فإن الصدقة هي مفتاح الرزق الحقيقي والبركة
فيه كن قنوعاً بالحلال وتوقع كرم الله