إسلام عمرو بن العاص:
أمام انتصارات الإسلام المتتالية، وازدياد قوة المسلمين يومًا بعد يوم، وقف
عمرو بن العاص مع نفسه، فهداه تفكيره إلى أن يرحل إلى الحبشة ويراقب
من هناك صراع الإسلام مع المشركين من قريش، فإذا انتصر المسلمون كان
آمنًا، وإذا انتصر الكفار عاد إليهم.
وبينما عمرو بن العاص يستعد للدخول إلى النجاشي ملك الحبشة إذا به يرى عمرو
بن أمية الضمري -رضي الله عنه- خارجًا من عنده، فلما دخل عمرو على النجاشي
قال له: أيها الملك إن قد رأيت رجلاً يخرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا
فأعطنيه لأقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا.
فغضب النجاشي، ولطم أنفه بضربة شديدة، حتى ظن عمرو أن أنف النجاشي قد
كسرت، وارتعد عمرو من الخوف، لكنه تماسك وقال للنجاشي: أيها الملك! والله،
لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه قال:أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس
الأكبر الذي كان يأتي موسى فتقتله فقال عمرو:أيها الملك أكذاك هو؟ فقال النجاشي:
ويحك يا عمرو! أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما
ظهر موسى بن عمران على فرعون وجنوده.فقال عمرو:أفتبايعني له على الإسلام؟
قال: نعم.
فبسط عمرو يده، فبايعه على الإسلام. فلما قدم عمرو المدينة ذهب إلى رسول الله
(ليبايعه وقال لرسول الله (: يا رسول الله إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من
ذنبي ولا أذكر ما تأخر. فقال رسول الله :"يا عمرو بايع، فإن الإسلام يجُبُّ (يهدم)
ما كان قبله، وإن الهجرة تَجُبُّ ما كان قبلها"[ابن إسحاق] فأسلم عمرو، وكان
إسلامه في العام الثامن الهجري.