قال تعالى :
يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ
إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ( سورة البقرة)
إنَّ كلَّ شيٍء وقع أراده الله وإن كل شيءٍ أراده الله وقع ، وإن أفعاله تتعلق
بالحِكمة المُطلقة ، وإن حِكمتَهُ المطلقة تتعلق بالخير المطلق ، فلو فهمنا
هذه الكلمات واستوعبناها وعقَلناها وعشنا معانيها لتلاشت كل الأحزان في
حياتنا .
كلمة الحكيم وردت في القرآن الكريم ثمانية وثلاثين مرة زلها عدة معاني:
المعنى الأول : اسم الحكيم على وزن فعيل ، بمعنى مُفعل تقول جرح أليم
بمعنى مؤلم ، وفعيل بمعنى مُفعل فحكيم بمعنى مُحكم ومعنى المُحكم المُتقن
والمتقن هو المقدِّر التقدير الصحيح . وأصل الإتقان من دقة التقدير إذاً :
ربنا عز وجل خلق كل شيء فقدره تقديراً
قال تعالى :
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ(سورة القمر)
المعنى الثاني : الحِكمة عبارة عن معرفة أفضل المعلومات بأفضل العلوم
فهناك عِلمٌ مُطلق ، والإنسان مهما تعلّم فإنه يقف على شاطئ بحر العلم .
قال تعالى :وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ(سورة يوسف)
الحكيم تُطلق على ذي العِلم المُطلق : العِلم الذي لا يعتوره خلل ولا جهل
ولا شائبة ، وما من إنسان يدّعي أنه بلغ العلم المُطلق ، حتى في الحِرَف
والمِهَن ، وحتى الأطباء والعُلماء والمُهندسون ، يرتكبون أغلاطاً كبيرة
جداً ، أما العِلم المُطلق فهو لله عز وجل ، ولهذا يقول الإمام الغزالي "
لا يعرف اللهَ إلا الله " .
المعنى الثالث : الحكيم هو الذي يتنزّه عن فِعل ما لا ينبغي ، يعني هو
الذي يضع الشيء المُناسب بالقَدَر المُناسب وفي الوقت المُناسب وبالمكان
المُناسب ، فالحكيم هو الذي يفعل ما ينبغي بالقدر الذي ينبغي وفي الوقت
الذي ينبغي وبالمكان الذي ينبغي.
إن الحكيم من الأسماء التي يمكن أن يتحلّى بها الإنسان انطلاقاً من
الحديث الشهير: "تخلقوا بأخلاق الله ".
يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : من عرف جميع الأشياء ولم يعرف
الله عز وجل لا يُسمى حكيماً .