في صباح احد الأيام وأنا أعمل في حديقة المنزل ، جلست على التراب لأستريح
قليلاً بعد جولة من العمل ، وبجواري بنيتي الصغيرة ، نظرت إلى التراب واخذت
منه حفنة ، وبدأت أتأمل في ذراته ، وأقول في نفسي أنا خُلقت من هذا التراب .
وفي اثناء صمتي ، قاطعت فكري بنيتي الصغيرة التي انتبهت إليّ وأنا أتأمل في
حفنة التراب وقالت : بابا هو الله خلق التراب هكذا ، فقلت لها : نعم يا بابا . ثم
سرحت تفكيري في بقايا ذرات التراب التي علقت في اصابعي ، وتأملت في يدي
وكيف يمكن أن تكون هذه اليد من تلك الذرات ؟ كيف يمكن أن يكون جسمي من
تلك الذرات ؟! كيف يمكن أن تكون عيني الرقيقة من تلك الذرات ؟! أنه شيءٌ
عظيم لو أطلق الإنسان عقله في التفكير فيه فعلاً فهي نقلة عظيمة لا يستوعبها
العقل البشري ، نقلة من التراب إلى الخلق البشري المتكامل ، فتبارك الله أحسن
الخالقين . ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ
مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي
الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ﴾ [الحج : 5] .