الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال
حكمته لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر ، ومن شر إلى خير ومن رخاء إلى
شدة ، ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فإذا كانوا في صلاح
واستقامة وغيروا غير الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب
والقحط ، والتفرق وغير هذا من أنواع العقوبات جزاء وفاقا قال سبحانه :
(وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ)
وقد يمهلهم سبحانه ويملي لهم ويستدرجهم لعلهم يرجعون ثم يؤخذون على
غرة كما قال سبحانه : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) يعني آيسون من كل
خير ، نعوذ بالله من عذاب الله ونقمته ، وقد يؤجلون إلى يوم القيامة فيكون
عذابهم أشد كما قال سبحانه : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا
يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) والمعنى أنهم يؤجلون ويمهلون إلى ما
بعد الموت ، فيكون ذلك أعظم في العقوبة وأشد نقمة .