هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني وكنيته (أبا إسحاق) وغلبت شهرته
بلقب (أبو العتاهية)، وهو أحد شعراء العصر العباسي، كان والده النبطي من
(عين التمر) والقريبة من الأنبار بالعراق يعمل بالحجامة، وانتقل مع أهله بعد
ضيق الحال إلى مدينة الكوفة ، حيث عمل أخيه (زيد) بصناعة الفخار وبيعه،
بينما كان هو يهوي الكسل والتخنث واللهو، حتى ضمّه أخوه للعمل معه، وبرع
في تلك الفترة بنظم الشعر وإلقاؤه على الشباب والفتيان، وبدأ شعره بالاشتهار
ورافق صديقه إبراهيم الموصلي لفترة قصيرة لبغداد ليعود مجدداً لحياة المجون
واللهو بالكوفة، وانصرف بعدها حتى أواخر عمره إلى حياة الزهد والتزهد،
نبذة عن حياة الشاعر أبو العتاهية
وُلد أبو العتاهية في عام (130) ميلادي في عين التمر وتوفي ببغداد في عهد
خلافة (المأمون) في عام (211) ميلادي.
يُعدّ من مقدميّ المولدين ومن طبقة الشعراء أمثال أبي نواس وبشار، وهو
شاعر عربي مُكثر وسريع الخاطر والإبداع بأشعاره، وأجاد القول في أكثر أنواع
الشعر السائدة بعصره كالمديح والزهد.
يعود أصله لمسيحيي عين التمر وهم (النبط الساميون) أخوة العرب سكان
مدينة الأنبار بالعراق، والمعروف عنهم ذكاؤهم وحظهم الوافر، ورهافة حسهم
ورقّة الشعور.
اشتهر أبو العتاهية بهذا اللقب بسبب تعتّه وجنونه في إحدى جواري الخليفة
المهدي ببغداد وتدعى (عتبة) التي تعلق بها وذكرها بشعره، والتي رفضته
لقباحة شكله ودمامة وجهه، مما أثرّ به ودفعه لحياة الزهد والتزهد والوعظ.
عُرف بولائه لعنزة وذلك بسبب سبيّ جدّ والده (كيسان) مع بعض الصبيّة
خلال فتح القائد (خالد بن الوليد) لعين التمر، حيث قام عياد ابن رفاعة العنزي
بشراء كيسان من أبي بكر الصديق وأعتاقه ليصبح موالياً لبني عنزة.
دعاه الخليفة المهدي لقصره واستمع لإشعاره لينال أعجابه ورضاه، وعندما
جاء هارون الرشيد رفض أبو العتاهية قول الشعر به ومدحه، فقام بحبسه في
منزل خاص، حتى وافق بملازمة الرشيد ومدحه، كما مدح كل من الأمين
والمأمون.
شعر أبي العتاهية
اشتهر العتاهي بإبداعه في نوعين من الشعر اختص بهما وهما شعر الغزل
والزهد، في حين كان يقول شعر المدح والعتاب والهجاء والرثاء في المناسبات.
اتصف شعره بالصورة الصادقة والمواكبة لمراحل حياته العقلية والوجدانية
وتجاربه العاطفية.
تميزت أشعاره بالعاطفة المشوبة والعفة وصدق المعاناة والوصف.
اتسم شعره من الناحية الفنية بين الضعف أحياناً والليونة، حيث وصفه
أبو المعتز قائلاً (وغزله ليّن جداً، مُشاكل لكلام النساء موافق لطباعهن)،
وتخلو ألفاظه وعباراته من الغرابة والتعقيد وتتجه نجو الشعبية والسطحية
والبساطة الشديدة.
تتسم أشعاره بالإيقاع الموسيقي الذي يلمسه السامع ويريح النفس والقلب.
نجح بتقديم الشعر المُبسّط والتقريب بين فن الشعر والنثر بطريقة عبقرية.
أخفق بالتبجح في تنظيم بعض أشعاره والاستخدام الخاطئ لأوزان العروض.
احتل القسم الأكبر من أشعاره الزهد والمواعظ الدينية وتهذيب الأخلاق وذكر
الموت، والذي لاقى استحسان وإقبال العامة والخاصة على سماعه.
أجمل أشعاره الغزلية التي قالها بمحبوبته(عتبة)
حسناء لا تبتغى حَلْياً إذا برزت لأن خالقها بِالحُسْنِ حَلاَّهَا
قامت تمشى فليت الله صيَّرنِي ذاك التراب الَّذي مسته رجلاها
بالله يا قُرَّةَ العينين زُوريني قبل الممات وإلا فاستزيريني
إنّي لأعجبُ من حبٍّ يقرّبني ممن يباعدني منه ويُقصيني
أما الكثير فما أرجوه منك ولو أطْمَعْتِني في قليل كان يكفيني