هل أنا كنت طفلا ؟
أم أن الذي كان طفلا إنسان آخر غيري ؟
هل أنا الذي دارت بي الايام , وسرق مني الوقت , وهربت مني الساعات ؟
أم أن الذي استغله لص التأجيل غيري ؟
هل أنا من جعل " سوف " له ملاذا من مواجهة الواقع والحقائق , أم أن
الذي خدعته " سوف " غيري ؟
خطوات قصيرة لتجد نفسك على مشارف عمر كنت تعتبر الواصل إليه يجب
أن يلم أوراقه ويرتب متاعه للرحيل , ثم هأنذا تتراءى أمام عينيك أوراقك
وحقائبك , ويصفق الوقت معلنا الاستعداد للرحيل
إنها خدعة نعيشها , تلك القائلة إن العمر طويل , وإن الحياة مفتوحة
الذراعين , وإن الآمال العريضة لها ما يبررها
الأمر أعجل من هذا , أعجل من أن نعالج كوخا صغيرا قد تكسر وفسد
واعجل من أن نزين الدور , ونبني البيوت , ونرفع البنيان رغبة في
التفاخر والتمايز والتزين
إنها لحياة قصيرة , تلك التي يتذكر الإنسان صباه فيها وكأنه مر بالأمس
القريب , ويتذكر أعماله الصالحات وكأنها شىء يسير لايكاد يشفي غليلا
ويتذكر خطاياه وكأنها في أصل جبل يوشك أن يقع عليه , أي حياة تلك
المغفلة المنسية لأعلى الحقوق الفاتحة ابواب الوهم والإيهام ؟
حق للحكيم أن يحذرها ووجب على الواعي أن يبادرها بالإصلاح في شأنه
وقلبه ويبتدرها بالصالحات أولا بأول , قال صلى الله عليه وسلم :" بادروا
بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ..."
إن الحياة الحقة حياة أخرى غير تلك التي نعيش بطريقتنا المعهودة الحياة
الحقة هل تلك التي يستثمر فيها المرء كل لحظاتها , صالحا مصلحا لغيره
طاهرا مطهرا لغيره , مستقيما مقوما لغيره , إيجابيا مؤثرا , ناصحا أمينا
عابدا تقيا , سليم القلب , نظيف الصدر , مطمئن النفس ...
وكل نقص من تلك الأوصاف هو نقص من قيمة الحياة التي يعيشها أحدنا
وهو سبب الكدر الذي يغشانا والهول الذي يحدق بنا