اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 33190 تاريخ التسجيل : 10/02/2014
موضوع: يُوجَدُ بيننا لُصوصٌ لا نعرفهم الثلاثاء 20 أكتوبر 2020 - 2:25
قد يُوجَدُ بيننا لُصوصٌ لا نعرفهم ، ولا تتَّضِحُ لنا هُويَّتُهم . بل قد يُخالطوننا في كُلِّ لحظةٍ ولا نشعرُ أنَّهم يسرقوننا دُونَ أن ننتبِهَ لهم . لُصوصٌ يلبسون ملابسَ أنيقةً ، ويتحدَّثونَ بكلماتٍ رقيقةٍ ، ويُظهِرونَ صداقتَهم وحُبَّهم لنا ، وتعلُّقَهم بنا ، وقُربَهم مِنَّا . ومع مرور الأيَّام تظهرُ لنا حقيقتُهم ، وتنكشِفُ نيَّتُهم ، وتتَّضِحُ مَقاصِدَهم فنُفيقُ على حقيقةٍ لم تخطُر ببالنا ، ولم نتوقّعها يومًا . ونُصدَمُ حين نعلمُ أنَّ كثيرًا من مُمتلكاتِنا ومُتعلَّقاتِنا قد سُرِقَت مِنَّا . والأصعبُ حين نعلمُ أنَّ قلوبنا هِيَ التي سُرِقَت . بل المُحزِنُ أن نُسرِقَ ويُذْهَبَ بنا بعيدًا على حين غفلةٍ مِنَّا ، وكأنَّنا كُنَّا في حالةِ إغماءٍ وغيابٍ عن الوَعي . مِن بيــن هــؤلاءِ اللصــوص : التِّقنياتُ الحَديثةُ ؛ حاسباتٌ وجوَّالاتٌ ، بما تحويه من مواقع ، وبرامج ، ودعواتٍ ، وحِواراتٍ ، ومُحادثاتٍ . - يُنادِيها أبوها : يا بُنيَّة ، أحضِري لي كُوبًا من الماءِ ؛ لأشربَ . فتَرُدُّ عليه قائلةً : انتظِر قليلًا يا أبي . فهِيَ مشغولةٌ في مُحادثةٍ مع زميلتِها على الواتس أب . - تطلُبُ منه أُمُّه أن يشتريَ لها بعضَ المُتطلَّباتِ من مَحَلٍّ قريبٍ من البيتِ ، فيقولُ لها : سأُحضِرُها في وقتٍ لاحقٍ بإذن الله . فهو مشغولٌ بقِراءةِ التَّغريداتِ على تويتر . - تُعِدُّ زوجتُه العَشاءَ وتُنادِيه ، فيقولُ لها : لا أُريدُ أن آكُلَ الآن . فهو مشغولٌ بمُشاهدة الصور على انستقرام ، وإرسال الإعجاباتِ على فيس بوك . - جاء مَوعِدُ مُحاضرتِها ولم تخُرج من البيت . تقولُ لها أُمُّها : ما زِلتِ هُنا ! لقد بدأت مُحاضرتُكِ . فتَرُدُّ ببُرودٍ : لا بأس ، سأكتُبُها من إحدى زميلاتي . فهِيَ مشغولةٌ بالبحثِ عن تطبيقاتٍ جديدةٍ تُناسِبُ جوَّالَها . سرقتنـــا التِّقنيــــاتُ من بين أهلنا وأحبابنا ، بل سرقتنا من أنفُسِنا . أعطيناها جُلَّ اهتمامِنا ، حتى أثَّرت على عُقولنا ، وأنستنا كثيرًا من أدوارنا ، وأشغلتنا عمَّن حولَنا . ولكنَّ الأكثرَ ألمًا حين تسْرقُنا من عباداتنا :" فهذه تنقُرُ الصَّلاةَ كنقر الغُراب ؛ حتَّى لا يفُوتَها اجتماعُ الصَّديقات ، وتِلك تُؤجِّلُ وِرْدَها اليَوميَّ ، وأُخرى تتنازلُ عن بعض السُّنن . لنُراجِع أنفُسَنا مُراجعةً دقيقةً ، ولنُعِد مُمتلكاتِنا المسرُوقة .