قال عبد الله بن أبي قتادة والزهري : أنزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر ،
حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني قريظة لينزلوا على
حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستشاروه في ذلك ، فأشار عليهم
بذلك - وأشار بيده إلى حلقه - أي :
إنه الذبح ، ثم فطن أبو لبابة ، ورأى أنه قد خان الله ورسوله ، فحلف لا
يذوق ذواقا حتى يموت أو يتوب الله عليه ،وانطلق إلى مسجد المدينة ،
فربط نفسه في سارية منه ، فمكث كذلك تسعة أيام ، حتى كان يخر مغشيا
عليه من الجهد ،حتى أنزل الله توبته على رسوله . فجاء الناس يبشرونه
بتوبة الله عليه ، وأرادوا أن يحلوه من السارية ، فحلف لا يحله منها إلا
رسول الله صلى الله عليه [ وسلم ] بيده ، فحله ، فقال : يا رسول الله إني
كنت نذرت أن أنخلع من مالي صدقة ، فقال : يجزيك الثلث أن تصدق به .
وقال ابن جرير : حدثني الحارث حدثنا عبد العزيز حدثنا يونس بن الحارث
الطائفي حدثنا محمد بن عبيد الله أبو عون الثقفي عن المغيرة بن شعبة قال :
نزلت هذه الآية في قتل عثمان - رضي الله عنه - : ( يا أيها الذين آمنوا لا
تخونوا الله والرسول ) الآية .
وقال ابن جرير أيضا : حدثنا القاسم بن بشر بن معروف ، حدثنا شبابة بن
سوار ، حدثنا محمد بن المحرم قال : لقيت عطاء بن أبي رباح فحدثني قال :
حدثني جابر بن عبد الله أن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبريل رسول الله
صلى الله عليه وسلم -
فقال : إن أبا سفيان في كذا وكذا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -
لأصحابه : إن أبا سفيان في موضع كذا وكذا ،فاخرجوا إليه واكتموا ،
فكتب رجل من المنافقين إليه : إن محمدا يريدكم ، فخذوا حذركم ، فأنزل
الله [ عز وجل ]
( لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم ) الآية .
هذا حديث غريب جدا ، وفي سنده وسياقه نظر .
وفي الصحيحين قصة حاطب بن أبي بلتعة أنه كتب إلى قريش يعلمهم
بقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إياهم عام الفتح فأطلع الله رسوله على ذلك فبعث في إثر الكتاب فاسترجعه
واستحضر حاطبا فأقر بما صنع ،
فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه ، فإنه قد خان
الله ورسوله والمؤمنين ؟ فقال : دعه ، فإنه قد شهد بدرا ،
ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
قلت : والصحيح أن الآية عامة وإن صح أنها وردت على سبب خاص فالأخذ
بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند الجماهيرمن العلماء . والخيانة تعم
الذنوب الصغار والكبار اللازمة والمتعدية .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وتخونوا أماناتكم ) الأمانة
الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد -
يعني الفريضة يقول : لا تخونوا : لا تنقضوها .
وقال في رواية : ( لا تخونوا الله والرسول ) يقول : بترك سنته وارتكاب
معصيته .