وبالرغم من التغيرات التي طرأت على الأسرة في المجتمعات الحديثة فأثرت
في شكلها ودورها ووظائفها الاجتماعية والثقافية.فإن العلاقات القائمة داخل
الأسرة لا زالت ترتبط ببناء القوة التقليدي الذي يقوم على تفوق الرجل
وسيطرته الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع وفي الأسرة بشكل خاص .
ويختلف الأمر عند مناقشة مفهوم العنف الأسري في مجتمعات العالم الثالث
عن تلك المجتمعات التي تعرضت ولا زالت لأشكال مختلفة من الاستغلال
والسيطرة الاقتصادية والسياسية في ظل النظام الرأسمالي الاستعماري القديم
والحديث مما أثر في النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي لتلك
المجتمعات كما ساهم في خلق هياكل وعلاقات إنتاجية واجتماعية مشوهة .
انعكست بدورها في بنية الأسرة وعلاقاتها .
وإذا كان العنف الأسري كمفهوم يفصح عن نفسه بوضوح في ظل الأسرة
النووية في إطار علاقة الصراع بين المرأة والرجل التي تتجسد داخل الأسرة
من خلال العلاقة الزوجية حيث تصبح المرأة الزوجة هي الطرف الذي يتعرض
للعنف سواء المعنوي أو المادي فإن الأمر يختلف في مجتمعات العالم الثالث
التي تتعدد فيها أشكال الأسرة وعلاقاتها وبناء عليه يمتد العنف المعنوي
والمادي ليشمل علاوة على الأطفال المرأة والزوجة والأخت والابنة "
إذا فالعنف ضد المرأة هو السلوك أو الفعل الموجه إلى المرأة على وجه
الخصوص سواء أكانت عن علاقات غير متكافئة بين المرأة والرجل في المجتمع
والأسرة على السواء نتيجة لسيطرة النظام الأبوي بآلياته الاقتصادية والاجتماعية
تقف المرأة الريفية لتجسد واقع القهر والاستغلال التي تتعرض له في إطار العمل
المنزلي ، فقد كشفت العديد من الدراسات الإحصائية التي أجريت عليها إنها تقوم
بعدة أدوار : كربة منزل ، دور العاملة المنزلية ، دور العاملة الزراعية .
حيث تشارك زوجها في الحقل تلبي طلبات الكبار والصغار ، تنظف المنزل الخ .
ومع هذا فإن هذه الأعمال التي تقوم بها المرأة لا يعترف بها كنوع من أنواع
الأعمال المنتجة كما لا تحصل على أجر لقيامها بالأعمال الزراعية والمنزلية .
إضافة إلى ذلك فإن الثقافة السائدة لاتعترف بها إلا كزوجة وربة بيت وهي إن
سمحت لها بالتعليم والعمل فهذا من أجل تحسين وضعها في الزواج وعلى ألا
يتعارض هذا مع دورها الأساسي في خدمة الزوج ورعاية الأولاد .
معروف أن العنف ضد النساء والفتيات المتضمن العنف الجسدي والجنسي
والنفسي والاقتصادي يرتكز على التمييز الجنسي إهذا التمييز يقع على
المستويات الحياتية للمجتمع وخاصة ضمن الأسرة .