يُحكى أن الأصمعي سار يوما فوجد أعرابيا فسأله الأعرابي من اين
أنت يا أخ العرب.. ؟ قال من أصمع..
قال و من اين انت آتٍ..؟ قال من المسجد..
قال و ما تصنعون بالمسجد..؟
قال نصلي و نقرأ قرآن الله..
قال وهل لله قرآن ..؟ قال نعم
قال أقرأ علي شيئا منه..
فقرأ عليه سورة الذاريات..
فلما وصل إلى قوله تعالى
( و في السماء رزقكم و ما توعدون)
قال حسبك و قام و ذبح ناقته و تصدق بها يقينا منه بصدق الرزاق
ثم انصرف..
يقول الأصمعي و بعد سنتين من لقاءنا، خرجت مع الرشيد للحج فلقيت
ذلك الأعرابي فجائني و قال
ألست الأصمعي..؟ قلت نعم..
قال زدني مما قرأت علي المرة السابقة..
قال فقرأت عليه بقية السورة..
(فورب السماء و الأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون)
هنا انتفض الأعرابي و صرخ بأعلى صوته و قال:
*من أغضب الكريم حتى يحلف*
*من أغضب الكريم حتى يحلف*
اما كان يكفيكم قوله ..
*(و في السماء رزقكم و ما توعدون)*
يقول الأصمعي فرددها ثلاث فالله ما انتهى من الثالثة حتى فاضت روحه..
عبدي ضمنت لك قسمتي فشككت
فلم أكتف بالضمان بل أقسمت..
و هذا ما جعل الأعرابي يصعق من فوره لان الناس في زمانه جعلوا الرحمن
يقسم ليصدقوا بأن رزقهم مضمون..
فكيف به لو عاش بيننا الآن و رأى الذين لا يصدقونه سبحانه حتى بعد أن
أقسم..
فترى الواحد منهم يلهث وراء جمع المال حتى لو كان حراما..
بدعوى أنه لا يضمن الظروف و يريد أن يؤمن المستقبل للأولاد ..
جاعلا الدنيا أكبر همه و مبلغ علمه..
متخذا كمبدأ في الحياة قد أفلح من كان له بيت و سيارة و رصيد بالبنك ..
بدل قوله تعالى (قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها)
ناسيا بأن مستقبل الاولاد لن يؤمنه بتاتا البيت و السيارة و الرصيد البنكي
بل مستقبل الأبناء مرهون بالعمل الصالح قالى تعالى..
(و كان أبوهما صالحا)...