عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
أَنَّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) تَرَهَّبُوا وَحَرَمُوا
أَنْفُسَهُمْ مِنْ طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا ، وَحَلَفُوا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ
أَبَداً وَلَا يَدْخُلُونَ فِيهِ بَعْدَ وَقْتِهِمْ ذَلِكَ ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَسَلْمَانُ وَتَمَامُ
عَشَرَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ النِّسَاءَ
وَالْآخَرُ حَرَّمَ الْإِفْطَارَ بِالنَّهَارِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَشَاقِّ التَّكْلِيفِ .
فَجَاءَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) فَقَالَتْ
لَهَا :لَمْ عَطَّلْتِ نَفْسَكِ مِنَ الطِّيبِ وَالصَّبْغِ وَالْخِضَابِ وَغَيْرِهِ ؟
فَقَالَتْ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ زَوْجِي مَا قَرَبَنِي مُذْ كَذَا وَكَذَا .
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : وَلَمْ ذَا ؟
قَالَتْ لِأَنَّهُ قَدْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ النِّسَاءَ وَتَرَهَّبَ
فَأَخْبَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِذَلِكَ وَخَرَجَ إِلَى
أَصْحَابِهِ وَقَالَ :
أَتَرْغَبُونَ عَنِ النِّسَاءِ ؟ إِنِّي آتِي النِّسَاءَ وَأُفْطِرُ بِالنَّهَارِ وَأَنَامُ اللَّيْلَ .
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ
وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا
اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ .
فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا قَدْ حَلَفْنَا عَلَى ذَلِكَ ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ :
﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ
إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ .