هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج بن أبي الخليل الأموي بالولاء،
الاشبيلي، الأندلسي، محدّث عالم مشهور بشؤون الحديث ونباتي عشاب
وعقاقيري صيدلي.
ولد في إشبيلية سنة 561 هـ ودفعته إلى الأسفار رغبته في سماع الحديث
والاتصال بشيوخه، وميله إلى تحري منابت الأعشاب وجمع أنواع النبات.
فجال أولاً في أنحاء الأندلس، ثم قدم المشرق، فنزل مصر سنة 613 هـ
وأقام فيها مدة. ثم أخذ يجول في بلاد الشام والعراق والحجاز مدة سنتين،
أفاد فيهما شيئاً كثيراً من النباتات والأحاديث. وعاد إلى مصر وهو أشهر
أبناء عصره من العلمين المذكورين. فأكرمه الملك العادل الأيوبي ورسم له
مرتباً، وعرض عليه البقاء في مصر. إلا أنه اختار الرجوع إلى وطنه، فعاد
إلى اشبيلية، وظل فيها إلى وفاته في آخر ربيع الثاني من سنة 637 هـ.
ترك ابن الرومية مؤلفات جليلة في النبات والعقاقير، وفي الحديث وعلمه،
منها: تفسير الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس أدوية جالينوس الرحلة
النباتية، المستدركة، تركيب الأدوية. وله تعاليق وشروح وتفاسير كثيرة في
الموضوع، وكتاب رتّب فيه أسماء الحشائش على حروف المعجم.
أما في علم الحديث فذكر له ، نظم الدراري في ما تفرد به مسلم على
البخاري، مختصر الكامل، توهين طرق حديث الأربعين، وله (فهرست)
أفرد فيه روايته بالأندلس عن روايته بالمشرق.
وجاء في عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة عن ابن
الرومية: "هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج النباتي المعروف
بابن الرومية، من أهل إشبيلية ومن أعيان علمائها وأكابر فضلائها،
قد أتقن علم النبات ومعرفة أشخاص الأدوية وقواها ومنافعها، واختلاف
أوصافها، وتباين مواطنها، وله الذكر الشائع والسمعة الحسنة، كثير
الخير، موصوف بالديانة، محقق للأمور الطبية قد شرف نفسه بالفضائل
وسمع من علم الحديث شيئاً كثيراً عن ابن حزم وغيره ووصل سنة ثلاث
عشر وستمائة إلى ديار مصر، وأقام بمصر والشام والعراق نحو سنتين،
وانتفع الناس به، وأسمع الحديث، وعاين نباتاً كثيراً في هذه البلاد مما لم
ينبت بالمغرب، وشاهد أشخاصها في منابتها ونظرها في مواضعها، ولما
وصل من المغرب إلى الإسكندرية سمع به السلطان الملك العادل أبو بكر بن
أيوب رحمه اللَّه، وبلغه فضله وجودة معرفته بالنبات، وكان الملك العادل
في ذلك الوقت بالقاهرة فاستدعاه من الإسكندرية، وتلقاه وأكرمه ورسم بأن
يقرر له جامكية وجراية، ويكون مقيماً عنده فلم يفعل، وقال إنما أتيت من
بلدي لأحج إن شاء اللَّه وأرجع إلى أهلي وبقي مقيماًعنده مدة، وجمع الترياق
الكبير وركبه، ثم توجه إلى الحجاز، ولما حج عاد إلى المغرب وأقام بإشبيلية،
ولأبي العباس بن الرومية من الكتب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب
ديسقوريدس، مقالة في تركيب الأدوية".