ذكر الله تعالى اماكن دفن اجساد البشر في الحياة الدنيا
باسم ( القبور ) ....ولكن عندما وصف كيفية البعث
وهو ( الخروج ) يوم القيامة ذكر اماكن الخروج بإسم ( الأجداث )
ولم يقل القبور كما هو مبين في الآيات :-
خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7)
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51)
نلاحظ بشكل واضح من الآيات ان الخروج يوم القيامة يكون من
الأجداث وليس من القبور .
ولكن لماذا ؟ وما هو الفرق ؟
قال تعالى .. يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله
الواحد القهار ..
لكي نعرف الفرق ، دعونا نفكر قليلاً .
اين القبر الذي سيخرج منه ذلك الذي مات غريقاً في بحر او نهر
وأكلت جسده الأسماك ؟
اين القبر الذي سيخرج منه ذلك الذي مات في البرية وأكلت جسده
الوحوش وطيور السماء ونثرت تراب عظامه رياح الصحراء ؟
اين القبر الذي سيخرج منه ذلك الذي مات في مجتمع يحرق اجساد
موتاه وينثر رمادها في الهواء او في الأنهار ؟
من خلال هذه التساؤلات نكتشف ان الأجداث لا تعني القبور ...
اذاً ما هي ( الأجداث ) ؟
لكي نعرف المعنى الحقيقي للأجداث دعونا نتفكر في الآيات التالية :-
وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)
يقول الله تعالى في هذه الآية ان القبور التي نراها حالياً موجودة سوف
( تُبعثر ) بمعنى انها ستتحطم ويتغير اماكن وجودها من جراء تحرك
صفائح الارض وارتجافها وزلزلتها وغيرها من التغيرات الجغرافية التي
تحدث للأرض عند نهاية اجل كل امة او في يوم القيامة .
اذاً واضح أيضاً من هذه الآية ان قبور الدنيا سوف تتلاشى وتبقى
( الأجداث ) مبعثرة ومختلطة بتراب الارض أينما وُجدت .
والآن لنبحث في القرآن عن كيفية الخروج من تلك الأجداث.
يقول الله تعالى :-
وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9)
وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ ۖ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ
كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ (11).
واضح من الآية ان كيفية الخروج من الأجداث هي كما تنبت الجنات
وحبوب الحصيد وغيرها من النباتات عندما ينزل عليها الماء من السماء ...
ونحن نعلم ان الارض مليئة بذرات صغيرة جداً من البذور التي تنبت منها
الأشجار عندما يهطل المطر عليها ...
اذاً فالأجداث هي ذرات متناهية الصغر من خلايا الجسد ينبت منها كل
انسان مات في الحياة الدنيا وحيثما كانت تلك الذرة ينبتها الله وينسل منها
جسد المبعوث ...
قال الله تعالى :-
وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)