إن هذه الأبحاث والتجارب المكلفة والمعقدة ، كان هدفها إنتاج مواد ذكية
قابلة للاستخدام في صناعة هياكل السيارات ، بحيث تستطيع هذه المواد
إصلاح نفسها ذاتيا لدى تعرضها لتأثير خارجي مدمر ، وبذلك يعود الهيكل
الخارجي إلى ما كان عليه قبل التعرض للضربة أو الصدمة .
تمت أولى المحاولات في مختبرات الأبحاث ، على ألياف الكربون التركيبية
وهذه الألياف تتميز بالقوة والمتانة وخفة الوزن ، إلا انه ثبت لاحقا عدم
إمكانية الاعتماد عليها ، وذلك بسبب تعرضها المفاجئ للكسر بسبب تراكم
تدريجي لعوامل عدة خفية ، كالصدوع والتشققات غير المرئية وتغيرات درجة
الحرارة بشكل كبير.
يقول في هذا الصدد الباحث سكوت وايت من جامعة الينوي الأمريكية ، في
مقال نشر في مجلة Popular Science ، ماذا لو توصلنا إلى صنع مادة
تركيبية قادرة على كشف العيوب فيها وإصلاح نفسها تلقائيا ، تماما كما في
حالة جسم الإنسان الذي يصلح أنسجته المصابة ذاتيا.
لقد عمل الباحث وايت وفريق عمله بشكل مكثف لتحقيق تلك الفكرة وابتكار
مادة قادرة على إصلاح نفسها بشكل تلقائي ، وأسفرت أبحاثهم عن تطوير
مادة تحتوي على ملايين الكبسولات الممتلئة بسائل ترميمي هو من
مادة Dicyclopentadiene ، هذه الكبسولات لا يتجاوز قطرها
250 جزءا من البوصة ، ولدى تعرض الهيكل الخارجي للسيارة إلى صدمة
أو ضربة قوية فإن تلك الكبسولات تتمزق محررة سائل الترميم والذي هو
عبارة عن تلك المادة البوليميرية ، عندها تعمل الخاصية الشعرية على سحب
السائل إلى مكان الصدع أو الشق ، والذي يتصلب في غضون دقائق ، وينجم
عن ذلك عودة هيكل السيارة إلى ما كان عليه بنسبة 90% .
بالطبع هذه الآلية لا يمكن الاعتماد عليها طويلا ، حيث أن تكرار عملية
الاصطدام والإصلاح الذاتي ، تؤدي إلى استهلاك كافة كبسولات الإصلاح
الذاتية.
من هنا ، تواصلت الأبحاث وتم تطوير مواد وسبائك اكثر فاعلية ، ففي مختبر
كالتش لعلوم المواد تم ابتكار ما عرف بالسبيكة الفقاعية bubbloy ، والتي
تتكون من البلاديوم والنيكل والنحاس والفسفور ، وتتميز بخفة وزنها ومتانتها
العالية وقدرتها على استعادة شكلها الأصلي ذاتيا بعد تعرضها لضربة أو صدمة
قوية تسببت في انبعاجها أو تشوهها.
إن ابتكار مثل هذه السبيكة يعتبر في الواقع إنجازا علميا فريدا ومتميزا للغاية
تعلق على ذلك الباحثة كريس فيزي وزميلها غريغ ويلش اللذين طورا هذه
السبيكة ، بقولهما إن سبيكتهم الفقاعية لن تبقي هياكل السيارات كما هي
عليه الآن ، بل ستدشن عهدا جديدا في عالم صناعة السيارات سوف نشهده
خلال السنوات القليلة القادمة.