كان ذئب يجوس ذات مساء في جوار قرية ، فلقي كلبا ظاهر الضمور والهزال
ظهورا بينا ، وكان واردا أن يضرب عنه صفحا للسرف في ضموره وهزاله لو
لم يكن جائعا على غير العادة . فاتجه صوبه ، فأخذ الكلب يتراجع للنجاة ولما
شعر بأنه لا أمل له فيها قال للذئب متقطع الكلمات متفاديا عضة أنيابه : دعني
أذكرك يا صاحب الفخامة بمدى الضرر الذي ستجنيه على نفسك إن أكلتني انظر
أضلاعي ما أنا إلا جلد على عظم إنما دعني أسر إليك أمرا سيقيم صاحبي وليمة
زفاف كبرى لابنته الوحيدة ولك أن تتصور ما سأصير إليه من الحسن والسمنة
من أكل فتات مائدة تلك الوليمة وعندها يطيب لك أكلي .ووجد الذئب نفسه يفكر
في مدى روعة أكل كلب بدين سمين عوض هذا الكائن النحيل الهزيل الماثل
أمامه ، فانسحب إلى غيضة الشجر التي يعيش فيها واعدا الكلب بالعودة إليه .
وعاد فعلا بعد أيام قليلة للوليمة الموعودة ، فرأى الكلب في فناء منزل صاحبه
فناداه ليأكله .
فقال له الكلب صارفا أسنانه : يسرني يا سيدي عظيم السرور أن تأكلني
وسأخرج إليك متى ما فتح الآذن الباب .
وما كان " الآذن " في الحقيقة إلا كلبا ضخما مهولا يعرف الذئب من تجربته
المريرة الأليمة معه عنف قسوته على الذئاب ، ومن ثم كف عن انتظار وفاء
الكلب بوعده ، واندفع هاربا يباري الريح .
*العبرة : لا تعتمد على وعود من يريد خداعك ! خذ ما يتاح لك متى سنح