{وهذا كتاب أنزلناه مبارك .. } الأنعام .
إنها سنة من سنن الله أن يرسل الرسل ، و أن ينزل عليهم الكتب
وهذا الكتاب الجديد ، الذي ينكرون تنزيله ، هو كتاب مبارك ..
و صدق الله .. فإنه و الله لمبارك .
مبارك بكل معاني البركة .
_ إنه مبارك في أصله . باركه الله و هو ينزله من عنده ..
_ ومبارك في محله الذي علم الله أنه له أهل .. قلب محمد –
صلى الله عليه و سلم – الطاهر الكريم الكبير ..
_ ومبارك في حجمه و محتواه . فإن هو إلا صفحات قلائل بالنسبة
لضخام الكتب التي يكتبها البشر ..
ولكنه يحوي من المدلولات و الإيحاءات و المؤثرات و التوجيهات
في كل فقرة منه ما لا تحتويه عشرات من هذه الكتب الضخام ،في
أضعاف أضعاف حيزه و حجمه .
وأن هنالك استحالة في أن يعبر البشر في مثل هذا الحيز –
ولا في أضعاف أضعافه – عن كل ما يحمله التعبير القرآني
من مدلولات و مفهومات و موحيات و مؤثرات ..
وأن الآية الواحدة تؤدي من المعاني و تقرر من الحقائق ما يجعل
الاستشهاد بها على فنون شتى من أوجه التقرير و التوجيه شيئا
متفردا لا نظير له في كلام البشر وإنه لمبارك في أثره
وهو يخاطب الفطرة و الكينونة البشرية بجملتها خطابا مباشرا
عجيبا لطيف المدخل ، ويواجهها من كل منفذ و كل درب و كل
ركن ، فيفعل فيها ما لا يفعله قول قائل .
ذلك أن به من الله سلطانا .
وليس في قول القائلين من سلطان .