بنى الفرعون رمسيس الثاني معبد أبو سمبل الذي يرجع تاريخه إلى 2400
عام قبل الميلاد، تخليداً لمعركة «قادش» وهي أهم المعارك التي خاضها خلال
فترة حكمه ويمثل هذا المعبد إعجاز المصريين القدماء في علوم الفلك والهندسة
والعمارة. والذي يتجسد في ظاهرة التعامد السنوية للشمس على تمثال الملك
رمسيس الثاني مرتين في العام في شهري فبراير وأكتوبر، وتم بناء المعبد بدقة
معمارية فائقة لتحمل أعلى درجات الزلزال ، فإذا تعرض المعبد لزلزال بقوة
10 ريختر لن يتأثر.
ومؤخراً، أصدرت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» الشهيرة، بالتعاون مع
محرريها ومصوريها في جميع أنحاء العالم والكُتّاب والرحّالة المستكشفين،
قائمة تضم أفضل وأجمل الأماكن التي يمكن زيارتها في عام 2020، وشملت
عدداً من الأماكن المثيرة حول العالم، من بينها معبد أبو سمبل في مصر، التي
جاءت الدولة العربية الوحيدة في القائمة.
أعمدة فارهة ذات نقوش بديعة تزينها أعمال فنية مُحكمة تصور معارك عسكرية
وتعلوها أسقف زينت بصور طيور جارحة ، بين دهاليز هذا المعبد في عمق وادي
النّوبة.
وتعلو الجدران نقوش هيروغليفية ، تحكي انتصارات الفرعون رمسيس الثاني
وخارجه أربعة تماثيل مهيبة لذلك الفرعون ، تستقبل شمساً تتلألأ أشعتها فوق
بحيرة ذات مياه صافية.
يقع معبد أبو سمبل في بلاد النوبة القديمة، المنقسمة الآن، بين مصر شمالاً
والسودان جنوباً، في صحراء نائية تكاد تخلو من مظاهر الحياة باستثناء واحات
النخيل والأودية التي حفرتها مياه السيول الموسمية، ويشق النيل تلك البقعة ماراً
بأسوان المصرية حتى يصل إلى القاهرة في اتجاه المصب.
وفي الأزمنة الغابرة، عُرفت تلك البلاد بثرائها بالذهب وخيرات أخرى، وحكمها
ملوك أقوياء، بنى كثيرون منهم أهرامات وخلفوا وراءهم آثاراً ومعابد تشهد على
عظمتهم.
ويضم معبد أبو سمبل آثاراً بُنيت على مدار 20 عاماً في القرن الـ13 قبل
الميلاد ، ويعد بشكل عام من بين أبرز الأبنية التي لا تزال قائمة حتى الآن،
ويضم المعبد الكبير إلى جواره معبداً أصغر، بناه الفرعون رمسيس الثاني
تكريماً لزوجته الملكة نفرتاري.
مشهد بديع كدنا نفقده إلى الأبد لو لم يجد أبو سمبل من ينقذه، الإضاءة
الخافتة التي تبرز روائع المعبد من الداخل ، وكذلك الكتابات العفوية التي
رسمها على جدرانه أشخاص أرادوا ترك بصماتهم عبر العصور، ومنهم
غزاة من كل حدب وصوب، فضلاً عن الموقع الذي تتصدره بحيرة واسعة
جميلة وكأن المعبد يشاطئ محيطاً.
تقول الأساطير إن أبا سمبل هو فتى صغير، وهو من قاد المستكشفين لاكتشاف
الموقع، وفي عام 1959 كانت هناك تحركات دولية كبيرة لجمع التبرعات، وإنقاذ
هذا الآثر ونقله، حتى لا تغرقه مياه النيل بارتفاع منسوبها ، الناتج عن بناء السد
العالي في أسوان. وفي عام 1964 تم إنقاذ المعبد، بتكلفة 40 مليون دولار، حيث
تم تقسيم الموقع إلى قطع كبيرة ومتوسطة ، تزن من 20 إلى 30 طنّاً للقطعة
الواحدة، وتم تفكيكها، ثم أعيد تركيبها مرة أخرى في منطقة مختلفة، على ارتفاع
يصل إلى 200 متر أعلى من مستوى النهر، وتعتبر هذه العملية من أكبر الأعمال
الهندسية لنقل موقع أثري من مكانه بهذه الدقة.
ومن المدهش أن القائمين على العمل أعادوا حساب القياسات الدقيقة المطلوبة
لكي تتعامد الشمس مجدداً مرتين في العام على وجه تمثال رمسيس الثاني وتمثالين
آخرين وهما للإله «راع حاراختى»، والإله «أمون»، بينما تأبّى التعامد على تمثال
الإله «بتاح» وهو إله الظلام.
عبر فتحة ضيقة داخل المعبد الكبير، في 22 فبراير، و22 أكتوبر من كل عام
تزامناً مع اعتلاء الفرعون العرش وعيد ميلاده تباعاً، وانتهى المشروع في
سبتمبر 1968 باحتفال بهيج.
قصة اسم المعبد
على مر الأزمان والعصور طُمر العديد من الآثار المصرية والفرعونية وكان
من ضمنها معبد أبو سمبل حتى جاء المستشرقون والمستكشفون وعلماء الآثار
والتنقيب حيث تم العثور عليه عن طريق طفل من مدينة أسوان، كان يعمل لهم
مرشداً ودليلاً، وكان هذا الطفل يدعى «أبو سمبل»
ومن هنا تم إطلاق اسم أبو سمبل على المعبد تيمناً بهذا الطفل.