أن الله تعالى لم يحرم المظلوم من رد الظلم عن نفسه ,ولكن ان فعل ذلك
فعليه ألا يرد الظلم الا بمثله فمثلا لو شتم يشتم بنفس ما شتم به ولو جرح
فعل مثل ما فعل به , ولا اعتدى كان ذلك ظلما منه ,ولكن جعل الله للذي يعفو
ويصفح أجر كبير وثواب عظيم
قال تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ
لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)سورة الشورى
جاء في تفسير السعدي تفسيرا لهذه الآية
ذكر الله في هذه الآية، مراتب العقوبات، وأنها على ثلاث مراتب: عدل
وفضل وظلم.
فمرتبة العدل، جزاء السيئة بسيئة مثلها، لا زيادة ولا نقص، فالنفس
بالنفس، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها، والمال يضمن بمثله.
ومرتبة الفضل: العفو والإصلاح عن المسيء، ولهذا قال: { فَمَنْ عَفَا
وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } يجزيه أجرا عظيما، وثوابا كثيرا، وشرط الله في
العفو الإصلاح فيه، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه،
وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون
به.
وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو، وأن يعامل العبد الخلق
بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما
يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل.
وأما مرتبة الظلم فقد ذكرها بقوله: { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } الذين يجنون
على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم.
ويقول بن كثير
( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) أي : لا يضيع ذلك عند الله كما صح
في الحديث : " وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا "
ويقول القرطبي
وذكر أبو نعيم الحافظ عن علي بن الحسين - رضي الله عنهم - قال : إذا
كان يوم القيامة نادى مناد أيكم أهل الفضل ؟ فيقوم ناس من الناس ، فيقال :
انطلقوا إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون إلى أين ؟ فيقولون إلى الجنة
قالوا قبل الحساب ؟ قالوا نعم قالوا من أنتم ؟ قالوا أهل الفضل ، قالوا وما كان
فضلكم ؟ قالوا كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذا ظلمنا صبرنا وإذا سيء إلينا
عفونا ، قالوا ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين . وذكر الحديث . إنه لا يحب
الظالمين أي من بدأ بالظلم ، قاله سعيد بن جبير . وقيل : لا يحب من يتعدى
في الاقتصاص ويجاوز الحد
فما أجمل العفو وما أحلى الصفح