بترا أو البتراء، هي عروسُ الصحراء وابنةُ الجبال الشماء بلا منازع
هي العراقةُ والأصالةُ والعنفوانُ بأبهى معانيها، التي صهرت مع بعضها
في بوتقة واحدة
فكانت البتراء الشامخة، دُرّة محافظة معان، بين وادي عربة وصحراء
النقب، في جنوبِ المملكة الأردنيّة الهاشميّة
والتي ما زالت حاضرة إلى يومِنا هذا، كسكيبةٍ من الذهب الخالص النفيس
بالرغم من غياب مَن صاغوها..
سكن البتراءَ أولاً الآدوميّون:-- الذين اشتهروا بصناعةِ الأواني الخزفيّة
والفخاريّات، ولكن الفضل في بنائها يعودُ للأنباط:-- المنحدرين من أصولٍ
عربيّة، حيث بنوها في عامِ ثلاثمئة واثنيْ عشرَ قبل الميلاد من صخور
رمليّة زهريّة اللون في جبال وادي موسى،
لذلك سمّيت بالمدينة الوردية والسلع، ويقدّر عمرُ هذه الصخور بستّمئة
وخمسين مليونَ سنة،
حيث تعودُ إلى العصر ما قبل الكامبريّ:-- احتلّت البتراءُ مركزاً مرموقاً؛
لموقعها الذي يتوسّطُ الحضارات القديمة التي نشأت في كلٍّ من فلسطين
ومصر وسوريا، وحضارة بلاد ما بين النهريْن فكانت حاضرةُ مملكة
الأنباط التجاريّة
وممرّ القوافل العابرة لطريق الحرير، والتي تحملُ الحريرَ من دمشق،
والتوابل من جنوب الحجاز، والخزف والأواني الزجاجيّة من صيدا
وصور، واللؤلؤ من دول الخليج العربيّ، وصباغ الحنّاء من عسقلان.