إنه الرئيس السابق للبرازيل :“لولا دا سيلفا”
فهو كان الطفل رقم سبعه وسط ثمان أطفال لأسرة فقيرة .
سكنت أسرته في كوخ حقير خلف ناد ليلي في أسوأ الأحياء الفقيرة
بالبرازيل , حيث الموسيقى الصاخبة, وشتائم السكارى, والروائح
المقززة المنبعثة من مخلفات رواد الليل, فلم يكن قادرا على أكمال
دراسته الابتدائية, بسبب الفقر المدقع الذي كانت تعيشه أسرته البائسة.
بدأ لولا دراسته في سن مبكرة، غير أنه توقف عن التحصيل الدراسي في
مستوى الخامسة من التعليم الأساسي، بسبب المعاناة الشديدة والفقر الذي
أحاط بأسرته، الأمر الذي اضطره إلى العمل : كماسح للأحذية لفترة ليست
بالقصيرة بضواحي ساوباولو ، وبعدها صبيا بمحطة بنزين ، ثم خراطا ،
وميكانيكي سيارات، وبائع خضار، لينتهي به هذا الحال كمتخصص في
التعدين، بعد التحاقه بمعمل «فيس ماترا» وحصوله على دورة لمدة ثلاث
سنوات. وفي سن الـ 19، خسر لولا أصبعه الصغير في يده اليسرى في
حادث أثناء العمل في مصنع قطع غيار للسيارات.
علمته أمه كيف يمشي مرفوع الرأس, وعلمته كيف يحترم نفسه كي
يحترمه الناس, وتعلم منها إن الفقر ليس عيبا, وان السعادة ليست في
الزمان ولا في المكان, ولكنها في الإخلاص بالعمل, وعلمته إن دماثة
الخلق ليست ضعفا بل قوة حتى الممات, وقالت له: مهما لاقيت من غد
ر فلا تقابل الإساءة بالإساءة, بل قابلها بالإحسان. كانت أمه مدرسة تعلم
منها أخلاق القرية, فتسلح بهذه الأخلاق الحميدةولذلك يعترف لولا قائلا :
«لقد علمتني أمي كيف أمشي مرفوع الرأس وكيف أحترم نفسي حتى
يحترمني الآخرون».
في عام 1980 وأثناء إضراب للمصانع في أطراف مدينة ساو باولو
بالبرازيل وفي فترة سيطرة الجيش على الحكومة ترأس خطاب لنقابات
العمال الصناعيين، وكانت خطاباته مشجعة ضد الحكومة فأدى ذلك إلى
احتجازه لمدة ثلاثين يوم.
وفي عام 1981 حكمت علية المحكمة العسكرية بالسجن لمدة 3 سنوات
ونصف بتهمة التحريض، ولكن أطلق سراحة في عام 1982.
رشح ” لولا” نفسه للرئاسة وخسر فى الثلاث محاولات الأولى وبالرغم
من ذالك بقي قوي في المعارضة وكان حزبه حزب العمل ينمو باستمرار
إلى أن نجح فى الإنتخابات الرئاسية عام 2003 وتولى الرئاسة دورتين
متتاليتين حتى سنه 2011.
كان “لولا ” المتصرف الأول بموارد البرازيل وثرواتها, وكان هو المؤتمن
عليها لمدة ثمان سنوات وعندما انتهت مدة رئاسته رفض أن يعدل فى الدستور
بالرغم من رفض 80% من شعب البرازيل رحيله عن الحكم.
وبعد انتهاء مدة رئاسته وقف ” لولا ” ليستدين المال من أصدقائه بعد
مغادرته القصر الرئاسي بأشهر, وراح يبحث عن من يسلفه, ليرمم منزله
الريفي.
بكى (سيلفا) بحرقة في اليوم الذي غادر فيه القصر الجمهوري, ولم يكن
بكاؤه حسرة على مقعده الرئاسي, بل تأثرا بالمحبة الأسطورية, التي
غمرتها به الجماهير البرازيلية, التي خرجت في ذلك اليوم عن بكرة أبيها
للتعبير عن تمسكها به, والمطالبة بتجديد ولايته, وبقائه في السلطة حتى لو
تطلب الأمر تعديل مواد الدستور, فرفض (سيلفا) رفضا قاطعا, وودعهم بالدموع
مكتفيا بما قدمه لهم من انجازات باهرة, وديمقراطية صحيحة انتزعها من قبضة
الحاكم العسكري الظالم, فصارت البرازيل على يده دولة ديمقراطية قوية,بعد أن
كانت دولة بوليسية ضعيفة, وأصبح كرسي الرئاسة الآن متاحا لكل برازيلي يجد
في نفسه القدرة والكفاءة ليتبوأ المنصب بجدارة واستحقاق عن طريق صناديق
الاقتراع.
من اشهر كلماته:
“أنا أغادر الرئاسة. لكن لا تعتقدوا أنكم ستتخلصون مني
لأنني سأكون في شوارع هذا البلد للمساعدة في حل مشكلات البرازيل”