أنفع الدواء أن تشغل نفسك بالتفكير فيما يعنيك دون ما لا يعنيك، فالتفكير
فيما لا يعنيك باب كل شر، ومن فكر فيما لا يَعنيه فاته ما يعنيه، وخطرات
العاقل لا تتجاوز واحدًا من خمسة أمور - كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله
في الداء والدواء -:
1- الفكرة في آيات الله المنزلة وتعقُّلها، وفَهم مراده منها؛ ولذلك أنزلها الله
تعالى لا لمجرد تلاوتها، بل التلاوة وسيلة؛ قال بعض السلف : أنزل الله
القرآن ليُعمل به، فاتخذوا تلاوته عملاً.
2- الفكرة في آياته المشهودة من أرض وسماء، وبحار وأنهار، وماء وهواء
والاستدلال بذلك على الله وحكمته وإحسانه، وبرِّه وجُوده، فالله تعالى قد حض
على ذلك وذم الغافل عن ذلك : ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190].
تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآيات وقال : "ويل لمن قرأها ولم يتفكَّر
فيها"؛ (رواه ابن حبان، وغيره وحسَّنه الألباني في التعليقات الحِسان).
3- الفكرة في آلائه وإحسانه، وإنعامه على خلقه بأصناف النعم، وهذه الثلاث
تستخرج من القلب معرفة الله ومحبته وخوفه ورجاءه.
4- الفكرة في عيوب النفس وآفاتها، وهذه الفكرة باب كل خير، وتأثيرها في
كسر النفس الأمَّارة بالسوء، ومتى كُسِرت عاشت النفس المطمئنة، وانتعشت
وصار الحكم لها، وسعِد الإنسان في الدنيا والآخرة.
5- الفكرة في واجب الوقت ووظيفته، فجميع المصالح إنما تَنشأ من الوقت
وإن ضاع لم يُستدرك أبدًا، والله سائلنا عنه يوم القيامة.
وما سوى هذه الأمور الخمسة، فهو أماني باطلة ووساوس شيطان وخدع
كاذبة (1).