بعد أن استتـب الأمن للمسلميـن ، وقوية هيبتهم في النفـوس ،
أخذ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-يوجه الرسل والسفراء
لتبليغ رسالة الإسلام ومن أولئك ( المقوقس عظيم القبط ) وقد
أرسل حاطب بن أبي بلتعة رسولاً إليه وعاد حاطب الى المدينة
مُحَمّلاً بالهدايا فقد أرسل المقوقس معه لرسول الله
-صلى الله عليه وسلم- أشياء كثيرة :
مارية وأختها سيرين ، وغلاماً خصياً أسوداً اسمه مأبور،
وبغلة شهباء ، وأهدي إليه حماراً أشهب يقال له يعفور ،
وفرساً وهو اللزاز ، وأهدى إليه عسلاً من عسل نبها -قرية
من قرى مصر-وقبِل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الهدايا ،
واكتقى بمارية ، ووهب أختها الى شاعره حسان بن ثابت وطار
النبأ الى بيوتات الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنه قد اختار
مارية المصرية لنفسه ، ولقد سعدت مارية أن تهب لرسول الله
صلى الله عليه وسلم الولد من بعد خديجة التي لم يبقَ من أولادها
سوى فاطمة -رضي الله عنها-ولكن هذه السعادة لم تُطل سوى أقل
من عامين
فقد مَرِض إبراهيم وطار فؤاد أمه ، فأرسلت إلى أختها لتقوم معها
بتمريضه وتمضِ الأيام والطفل لم تظهرعليه بوارق الشفاء وأرسلت
الى أبيه فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليرى ولده وجاد إبراهيم
بأنفاسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَدَمِعَت عيناه وقال :
( تَدْمَع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يُرْضي ربَّنا ، والله
يا إبراهيم ، إنا بك لَمَحْزونون )
قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- مارية القبطيّة مولاة الرسول إنّكم
ستفتحون مِصـر ، وهي أرض يُسمّى فيها القيـراط فإذا فتحتوها فأحسنوا
إلى أهلها فإن لهم ذمة ورَحِماً )وقد حفظ الصحابة ذلك وبعد وفاة الرسول
صلى الله عليه وسلم- بقيت مارية على العهد إلى أن توفاها الله في عهد
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في شهر محرم سنة ست عشرةرضي
الله عنها وأرضاها