أي أن سوء الظن بالناس يعني جهل صاحبه.. وهو ما قد يوقعه في مشاكل
لا حصر لها، تبدأ بالقلق وربما تنتهي بتفكك الروابط بين الأسر، يقول تعالى:
«قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ
الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)»
(الناس).
فالواجب على الإنسان أن يحسن الظن بالناس، إن أراد أن يحيا في سعادة،
لأنه يؤدي إلى سلامة الصدر من الأحقاد والأضغان، ويدعو إلى حب الناس
وتدعيم روابط المحبة والألفة بين أفراد المجتمع، وقد حث النبي صل الله
عليه وسلم على حسن الظن، حيث قال:
«إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث».
فتخيل رجل «شكاك»، طول الوقت يظن بزوجته سوءًا، هل تستقيم له الأمور
وهل سيرتاح يومًا.. بالتأكيد لا.. وتخيل صديق لا يثق بأصحابه، هل سيشعر
براحة يومًا، بالتأكيد لا.. إذن لما لا نرمي ما بداخلنا من سوء ظن ليس مبنيًا
على حقيقة أو شواهد وندع الأمور لله؟.
فالإسلام يدعو دائمًا إلى حسن الظن بالناس والابتعاد كل البعد عن سوء
الظن بهم لأن سرائر الناس ودواخلهم لا يعلمها إلا الله تعالى وحده قال تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» (١٢) سورة الحجرات.
وحتى لا يؤدي سوء الظن بالناس إلى نتائج كارثية وخصومات وعداوات
حذر منه الله عز وجل، قال تعالى:
«وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا»
(٢٨) سورة النجم، ويؤكد النبي الكريم صل الله عليه وسلم أن حسن الظن
من حسن العبادة.
ولكن قد يقول البعض، إن المجتمع ليس ملائكيًا والكثير يتصرف تصرفات
تؤدي جميعها إلى سوء الظن، فكيف يتم التعامل مع هؤلاء؟،
الإجابة باختصار تراها في حادثة الإفك، وهي أكثر ما آلم النبي الكريم صل
الله عليه وسلم، ومع ذلك صبر حتى أظهر الله الحقيقة وبرأ السيدة عائشة
من فوق سبع سماوات.
ومن ثم فإنه ليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه من حسن
الظن، فبه يسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس، وتكدر البال،
وتتعب الجسد، قال تعالى:
«وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (١١٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ
أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (١١٧) سورة الأنعام