«ومَن تدبَّر كلامَه عرف الربَّ عزَّ وجلَّ، وعَرَفَ عظيمَ سلطانه وقدرتِه،
وعظيمَ تفضُّله على المؤمنين، وعَرَف ما عليه مِن فرض عبادته، فألزم
نَفْسَه الواجبَ، فحَذِر ممَّا حذَّره مولاه
الكريم، فرَغِب فيما رغَّبه، ومَن كانت هذه صفتَه عند تلاوته للقرآن وعند
استماعه مِن غيره كان القرآنُ له شفاءً فاستغنى بلا مالٍ، وعَزَّ بلا عشيرةٍ،
وأَنِسَ ممَّا يستوحش منه غيرُه،
وكان همُّه عند التلاوة للسورة إذا افتتحها: «متى أتَّعظُ بما أتلو؟»، ولم يكن
مرادُه: «متى أختم السورةَ؟»، وإنما مراده: «متى أَعْقِلُ عن الله الخطابَ؟ متى
أزدجِرُ؟ متى أعتبر؟»،
لأنَّ تلاوة القرآن عبادةٌ لا تكون بغفلةٍ، واللهُ الموفِّق لذلك».