قال تعالى : (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ {1} الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ {2} يَحْسَبُ
مَالَهُ أَخْلَدَهُ {3} كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ {4} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ {5} نَارُ
اللَّهِ الْمُوقَدَةُ {6} الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ {7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ {8} فِي
عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ {9}) صدق الله العظيم .
ونحن إذا رددنا كلمة الحُطمة إلى أصلها العربي لوجدناها جاءت من الفعل
(حطم) أي قضى على الشيء تماما فإذا قلنا أن الحُطمة هي النار التي يلقى
فيها الكافر أو العاصي فتقضي عليه تماما وتهلكه لوجدنا هذا مناقضا لآيات
أخرى في القرآن الكريم تشرح كيفية التعذيب وتثبت أن أصحاب النار يظلون
فيها على هيئتهم ليذوقوا العذاب خالدين فيه ، وهذا ما جعلني أرد الكلمة إلى
أصلها المصري فوجدت معناها "مكان في النار يتكون من نحاس منصهر يلقى
فيه الملعونون من الله . . . وعندما تدبرت الآيات وجدت هذا التفسير يتسق
معها تماما .
فالسورة تتحدث عن جريمة الهمز واللمز هي أقل شأنا بالطبع من جرائم أخرى
كالقتل والزنا ، فهل يعقل أن يلقى كل المذنبين على اختلاف ذنوبهم في نار واحدة
وهي الحطمة كما فسسرت من قبل ، أم تكون عقوبة الهمَّاز واللماز أن يلقى في
قسم من النار مخصص لأمثاله كما جاء في قاموس اللغة المصرية القديمة ؟
وفي ضوء هذا يمكن تكملة شرح السورة بأن الهمَّاز اللمّاز الذي جمع المال
وظن أنه سيخلده سوف يُقاد إلى مكان معين في النار - وهو الحطمة - وما
أدراك مالحطمة - وهذا الأسلوب الاستفهامي يتكرر في القرآن كثيرا ، هذه
النار تطلع على الأفئدة . لأن الهمز واللمز والظن جرائم تتم في الخفاء ،فتأتي
الحُطمة لتطلع على قلب المجرم وتكشف له عما فعل ولم يعلم به غيره ، ثم نجد
الآيات تصف هذه النار بأنها "مؤصدة" أي مغلقة على ما فيها تأكيدا لكونها قسم
ا خاصا وما يؤكد هذا أكثر قوله تعالى في نهاية السورة ( فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ {9})
. . أي قضبان تمنعه من الخروج . . . وهكذا نجد تفسير اللفظ "الحُطمة" باللغة
المصرية القديمة أدق وأكثر اتساقا مع الآيات وأكثر ملائمة في فهمها .