عندما أتأمل في الزمن تنتابنى الحيرة وأحس بأنه أكبر معضلة ولغز فى الوجود .
الزمن الذى نحس به ليس زمنا مطلقا . بمعنى أنه زمنٌ مفصلٌ تفصيلا لكى نعيش
به حياتنا . فلا تظن أنك لو انتقلت فجأةً إلى كوكبٍ آخر ( فرضا ) فسيكون الزمن
الذى تشعر به هو نفس زمننا على كوكب الأرض هذا قول علماء الفيزياء وليس
قولى . وقد افترض هؤلاء العلماء ( نظريا ) بأنه لو كان بالإمكان أن تسافر على
متن مركبة فضائية تسير بسرعة الضوء وطفت بين المجرات والكواكب البعيدة
ثم عدت إلى الأرض بعد ساعةٍ من الزمن فإنك ستجد ابنك الصغير وقد شاب
وصار شيخا مسنا يمشى على عصا . وأنت كما أنت لم يمض من زمنك سوى
ساعة . يا للهول ! أيُعقل هذا ؟
إذن يا إخوتى ، الزمن داخل مركبة الفضاء كان شيئا مختلفا تمام الاختلاف عن
الزمن في الأرض . مضى على راكب المركبة الفضائية زمنٌ قدره ساعة . ومضى
على ابنه في الأرض ربما ستين أو سبعين عاما . ماذا نستنتج من هذه الظاهرة
العجيبة ؟ نستنتج أن الزمن شيئٌ مخلوق قابلٌ للتمدد وقابل للانكماش .
وفجأة وأنا أقلّب فى ذهنى هذه الظاهرة الغريبة برز إلى ذاكرتى قصة أهل الكهف
الذين ناموا فى كهفهم ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعا . وعندما استيقظوا ظنوا بأنهم
لبثوا يوما أو بعض يوم . ولم تبد عليهم علامات مضىّ 309 سنة . فهم تصرفوا
بشكلٍ عادى وأرسلوا أحدهم بنقودهم إلى المدينة ليُحضر لهم طعاما . معنى ذلك
أن شكلهم كان طبيعيا إذن ما حدث أن الزمن الذى مرّ على الكهف كان غير الزمن
الذى مر على العالم خارج الكهف سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم العلماء
بعظمة لسانهم ، قالوا إنه مر على المسافر بالمركبة الفضائية ساعة ومر على
ابنه في الأرض ستون أو سبعون سنة . إن للزمن أسرار ، يا إخوتى ، وما خفى
أعظم !