القصص من أحب الأشياء إلى الأطفال؛ مسموعة كانت أو مقروءة.. متحركة
أو ثابتة.. ضارة أو نافعة؛ سواء تلك المتوفرة في مكتباتنا أوتلك التي يعج بها
الفضاء.. لكنني أرى أن من أخطرها أيضاً: تلك التي تحكيها بعض الخادمات
المنزليات لأطفالنا.. فإن كان بعض الأطفال يرضعونمن أمهاتهم اللبن للتكوين
الجسماني؛ فإنهم يرضعون من الخادمات التكوين المعرفي.. ذلك أن القصص
من أكثر وسائل التسلية خطورة في بناء المفاهيم عند الأطفال؛ لأنها من أشدها
التصاقاً بذاكرتهم، وأعظمها تأثيراً في تكوين سلوكهم المكتسب من خلال شغفهم
بتقليد كل ما يقع تحت أبصارهم، أو يدخل أسماعهم.
فالطفل إنْ لم يجد التوجيه المناسب في الزمن المناسب حول ما يتلقفه وجدانه
من قصص؛ فلسوف يشكل منها معتقداً (مكتسباً) قد يضر بالفطرة التي ولِد عليها
كما جاء في الحديث الشريف: “كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو
ينصرانه أو يمجّسانه”.. فمعذرة إن قلت: إن هذا الدور المشار إليه في الحديث
الشريف بات يقوم به السائق والخادمة.. لا أقصد الإيعاز إلى الأسر بالاستغناء
عنهما، ولكنني أقصد تحديد وظيفتيهما في بيوتنا.
وأن "الطفلُ كالغصن، يمتص السمادَ مع الماء الذي يسقى به."