إن كان الناس يختلفون في قدراتهم العقلية لكنهم بالتأكيد يشغلون عقولهم
بالتفكير .. مهما كان مستوى هذا العقل
وأكثر ما يكون هذا التفكير في المستقبل فهو ما يشغلنا ..
لدرجة قد تصل أن ننسى الحاضر .. وننسى جماله .. وربما نهدم متعتنا في
اللحظات الحلوة والسبب التفكير في الغد .
وقد يكون التفكير في الغد من سمات الشخصيات الطموحة وإن كان الإفراط
فيه يعتبر طريق للقلق والتعب النفسي والذي ينعكس بدوره على الجسد ..
فتغدو الحياة جحيم لا يطاق ..
بينما يظل التفكير في الحاضر من سمات الشخصيات المتفائلة التي لا تحبذ
التفكير في غدها خشية أن تعيش مالا تريد ..فتحصر تفكيرها في ( اللحظة )
من مبدأ ( بكرة فيه ألف حللال )
فتعيش سعيدة .. وإن كان الإفراط في ذلك بداية للتكاسل .. والخمول ..
وقتل الطموح ..
وأعتبر النستالوجية والتفكير في الماضي من سمات الشخصيات التقليدية
التي تتمسك بماضيها وتستغرق فيه ..
فتحصر حياتها في إطار الماضي فتعيق طموحها .. وتطلعاتها
وإذا كان الماضي قد ذهب ولا سبيل لإرجاعه فلما نقضي أوقاتنا في التفكير
في شيء قد ولّى
رغم جماله ورغم روعته ورغم كل لحظات الحنين يظل الماضي ماضي
ولن يعود ..
وربما لأنه لن يعود أحببناه ..
وهذا ما قرأته يوما (نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه )
ربما هذا ما يفسر حنيننا للماضي
وإذا كان المستقبل لم يأتي بعد فكيف نرسم خططا في الهواء ونبني
قصورا في الخيال
أليس من الغباء أن نهدر طاقاتنا العقلية في التفكير في أشياء ليس لنا
القدرة في التحكم بها ..
لا بإرجاعها ولا ببنائها ..
يا ترى كم نهدر من طاقاتنا العقلية والجسدية والنفسية في التفكير
في أشياء لا تفيد ..
وإذا كان بقدرتنا أن نوقف العقل عن التفكير في لحظة ما
لن نتمكن من إيقاف الإحساس إلا إذا اقتنعنا ذاتيا بذلك
خلاصة ما أريد أن أقول
هو أن الإنسان مكون من ثلاث مراحل
ماضي
حاضر
مستقبل
والإفراط في التغلغل أو التفكير في أي مرحلة ينعكس سلبا على الإنسان
فإن كان الماضي هو حصيلة الخبرات والتجارب فالمستقبل هو خلاصة
الأحلام والتطلعات
إذا يجب أن نعيش الحاضر بلا إفراط ولا تفريط ..