ذو القرنين هو واحد من الشخصّيّات العظيمة التي ذكرها القرآن الكريم، حيث
خلد القرآن رحلة ذي القرنين في الأرض، وسعيه الدائم لإرساء قواعد العدل،
والحق، والإيمان بين الناس، فقد كان ذو القرنين من الدعاة الحقيقيين إلى الله
عز وجل وقد كان أيضاً ممّن حكموا الناس بشرعه تعالى، وقد أعطاه الله تعالى
القوة ، والعزة، والمنعة ، ولا غرابة في ذلك فقد كان من عباد الله الصالحين
فقد قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا،
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا).
اختلفت الأقوال في تحديد شخصية هذا الملك الصالح، فقد ذهب بعضهم إلى
أنّ ذو القرنين هو الاسكندر المقدونيّ، فيما ذهب البعض الآخر إلى أنّه أحد
ملوك حمير، أمّا بعض الآراء فقد كان لها رأي مخالف، فقد قالت أنّ ذا
القرنين هو أخناتون أحد الملوك الفراعنة، ولكن أبو الكلام آزاد أحد العلماء
والخطباء، الأفغانيّ الأصل، الهندي النشأة، ذهب مذهباً محموداً إلى حد ما
حينما قال أنّ ذا القرنين هو الملك الإخميني كورش الكبير، حيث نفى ما قيل
عن أن ذو القرنين هو الاسكندر ذلك أنّ الإسكندر كان وثنيّاً ولم يكن موحداً،
بالإضافة إلى أنّه لم يصل في فتوحاته الشهيرة إلى الغرب، كما رد القول بأن
ذو القرنين أحد العرب بالقول أنّه لو كان عربيّاً لعرفته قريش ولعرفه الرسول،
ولما كان لسؤال اليهود عنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - أيّ معنى.
تلمَّح أبو الكلام وجه الشبه بين اسم هذا الملك الوارد في القرآن والاسم الذي
ورد في التوراة، فقد استنتج أنّ اسم (ذو القرنين) الوارد في القرآن مشتق
أصلاً من الاسم الوارد في التوراة وهو (لوقرنائيم)، وهو الاسم الذي سمّى
اليهود به كورش الأكبر، الذي استحوذ على مكانة رفيعة في قلوبهم، بسبب
تسامحه معهم بعد أن اضطهدوا من قبل من سبقوه، ومن الأدلة التي استدلّ
بها على صحّة ما توصل إليه ذلك التمثال الشهير الذي صمم خصيصاً له،
حيث يظهر كورش الكبير بقرنين على رأسه.
موقع سدّ ذو القرنين
أمّا بالنسبة لموقع السدّ الشهير الذي بناء الملك الصالح ذو القرنين فيقال أنّه
واقع في المنطقة ما بين البحر الأسود، وبحر قزوين، ففي ذلك المكان توجد
السلسلة الجبليّة المعروفة سلسلة جبال القوقاز، حيث تفصل هذه السلسلة
ما بين كلّ من الجهتين الشماليّة والجنوبيّة سوى في منطقة ضيّقة، حيث
كان المغيرون ينزلون من خلالها إلى المناطق الجنوبيّة، ومن الأماكن الراجحة
لموقع السدّ هو هذا المكان، وهناك العديد من الأقوال الأخرى لموقع السد
ـ والله أعلم