انها قلعة فريدةً من نوعِها في منطقة الخليج، حيث تفصل بين آثار القلعة الإسلامية
والآثار السكانيّة الظاهرة في وسط الموقع، وبين المستوطنة الأولى التي قامت أثناء
العصر البرونزي في قاعدة التل، حوالي 8 أمتار من الطبقات السكانيّة المتراكمة
تتفاوت سماكتها حسب مراحلها التاريخية وفتراتها الزمنية .
أنّها كما يصفها الأثاريون، تاج الساحل الشمالي للبحرين والعامر بأشجار النخيل،
وكما ذكر في كتاب ( البحرين، البعثات الدنماركية في دلمون القديمة ) أنّ بساتين
النخيل الغنّاء تحيط بالجهات الثلاث للقلعة، وفي الجهة الرابعة ينفتح البحر كمرآة
كبيرة متحركة .
قبل الوصول اليها، تلوح في الأفق قلعة تعتلي تلّة، خلفها مزارع القرية، وكأنّها
ترتمي في أحضان النخيل وتشدّ ساحل البحر إلى جانبها أكثر. وبمجرد أن تطأ
الأرجل الممرات المؤدية للقلعة، يبدأ الإحساس بمجد، العاصمة الدلمونية ومرفأها
التاريخي .
كما يسمح التجوال حولها أم داخلها، باكتشاف حقيقة أنّها ليست مبنى واحد وإنّما
عدّة أجزاء تم تشييدها على مدى مراحل متتالية . لذا فهي تعتبر أحد المواقع النادرة
التي تتضمّن طبقات أثرية متراكمة يعود تاريخها إلى أواخر العصر البرونزي في
منطقة الخليج العربي .
قال عنها د.بيير لموبار المستشار بهيئة البحرين للآثار، انها تلعب دور وثيقة
آرشيفية او ذاكرة ملموسة لما كان عليه تاريخ الجزيرة منذ القدم ...
وقال عنها الدكتور منير بوشناقي، رئيس المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي،
انها تمثّل جمع الحضارات، وهذا هو أساس القيم التي أدّت لإدراجها على قائمة
التراث العالمي”، واكد على أهمية المرفأ التاريخي للقلعة ودوره في تقارب
الحضارات، فهو كتاب مفتوح على فهم تطوّر الحضارات وعلاقتها فيما بينها .
من خلال قلعة البحرين يمكن فهم تطوّر حضارات دلمون وتايلوس التي مرّت
من هذا المكان، وهذا ما تؤكّده اللقى الأثريّة في متحف الموقع، كالألواح الطينيّة
التي عُثر عليها، والتي تحمل نقوشاً مسمارية باللغة الأكدية وتحمل تواريخ
واضحة طبقاً لروزنامة التقويم البابلي. ومن حقبة تايلوس، فالقطعة الأثرية الأكثر
إثارة تكمن في جرّة مليئة بقطع نقود معدنية عليها وجه الإسكندر المقدوني،
ولكنّها صنعت محلياً ولم تُصدّر من بلد المنشأ اليونان .
انها عاصمة العهد القديم، والميناء الاستراتيجي ومطمع القوى التاريخية لقرونٍ
مضت، حول قلعة البحرين نسجت الحكايات والأساطير التي تحكي تاريخ دلمون
من عاصمتها بأعلى التلّ . سحر المكان أحياناً يجعلك تقف متأملاً ما امتزج فيها
من عظمة الماضي وبهاء الحاضر، مما يجعل زيارة الموقع فرصة لا تقدّر بثمن،
كونهُ واحد من أهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، الأمر الذي كرّسه
إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، والاهتمام المستمر
للجهات المعنيّة بالموقع
. تقع قلعة البحرين، في ضاحية السيف، على شاطئ البحر في الجهة الشمالية من
جزيرة البحرين وهي محصورة ما بين قرية كرباباد من الشرق وقرية حلة عبد
الصالح من الجنوب والغرب . وهذا الموقع كبير جداً يشكل في الواقع المركز
الرئيسي لحضارة دلمون ويتمثل ذلك في هضبة القلعة حيث يحيط بها سورالمدينة
الضخم ويضم هذا الموقع القصر الإسلامي، المدن الدلمونية وميناء دلمون.
وشكلت القلعة المبينة على تل واسع، الموقع الرئيسي لبحوث وحفريات البعثات
الفرنسية والدنماركية في الخمسينات من القرن العشرين، والتي اكدت ان هذه
خلال الفترة الواقعة بين 2300 قبل الميلاد الي القرن الثامن عشر، وأنها كانت
العاصمة القديمة للبحرين، لقد شيد ملوك هرمز حصن فارسي واسع في موقع
القلعة على مرحلتين في القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر ومن ثم قام
البرتغاليون بتحصين هذا الحصن وذلك ببناء استحكامات على زوايا الحصن، يزيد
عمق طبقات الموقع عن ثمانية أمتار تراكمت علي مر العصور في ثناياها عدة مدن
بنيت فوق بعضها البعض . ومن أهم اكتشافات البعثة الفرنسية هو أكتشاف طبقات
عصور دلمون الأوسط حيث وجدت في ثناياها الكثير من الالواح الطينية التي تعتبر
الارشيف الإداري الذي كتب باللغة المسمارية وهذا شاهد على احتلال كاسيد بابل
للمدينة، تشكل هذه الالواح وما زالت أقدم أرشيف كاسيدي تم الكشف عنه في
الشرق الأوسط كما تعكس طبيعة الكتابة المسمارية الساحلية .
وبعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح قام البرتغاليون باحتلال الساحل الممتد من
رأس الرجاء الصالح إلى الهند بقيادة الأدميرال ( الفونسو البوكيرك ) ولقد
أستولوا على البحرين في الفترة من 1521 – 1602 م. وفي تلك الفترة لفت
انتباههم موقع قلعة البحرين الاستراتيجي واستخدموها قاعدة عسكرية لهم .
وفي أثناء الاحتلال قرروا بناء إضافات جديدة في وسطها مثل بناء مقر خاص
للقائد كما قاموا بتوسيع سور القلعة وأضافوا أربعة أبراج مربعة الشكل .