تنبه الأمويون منذ بداية عهدهم إلى أهمية مصر وكونها مع بلاد الشام قادرة
على منازلة البيزنطيين الذين استغلوا فترة الحرب الداخلية ما بين علي ومعاوية
رضي الله عنهما فكانوا يعاودون الغارة بين الحين والآخر على السواحل الشامية
والمصرية، ومن جهة أخرى كانت مصر -منذ تولي معاوية سدة الخلافة- القاعدة
الأساسية التي تنطلق منها الجيوش الإسلامية باتجاه إفريقيا ثم إلى الأندلس فيما
بعد، لكن مصر لم تكن موالية دائمًا لبني أمية فقد وقف المصريون بعد وفاة يزيد
بن معاوية سنة 64هـ/683م إلى جانب عبد الله بن الزبير في مواجهة عبد الملك
بن مروان، غير أنهم ما لبثوا أن دخلوا في طاعة عبد الملك بعد أن لجأ إلى
استمالتهم وتأليف قلوبهم، وخصوصًا حينما وليها أخوه عبد العزيز بن مروان،
وبالرغم من ذلك كان شيعة علي يتحينون الفرص بين الحين والآخر ليعلنوا
تمردهم على سلطان بني أمية، وليس أدل على ذلك من أن مروان بن محمد لم
يجد من أهل مصر من يقف إلى جانبه حينما لجأ إليها حتى مقتله سنة
132هـ/750م.