غيّرت اختبارات السلامة تصاميم السيارات بصورة كبيرة، وأصبَحت معاهد
السلامة وشركات السيارات تولي أهمّية كبرى لتقنيات السلامة وطريقة هندسة
هيكل السيارة.
أصبحت سيارات اليوم أفضل بكثير من سيارات الأمس، وخصوصاً في نواحي
السلامة والأمان التي تُعتبر من أهم المحدّدات لدى الكثيرين عند شراء السيارة.
فبعدما نالت العديد من تقنيات السلامة نصيبها من الشهرة في عالم السيارات،
كأحزمة الأمان والوسائد الهوائية، إلا أنه هناك تقنية مهمة لم تأخذ حظها من
المعرفة، وهي هندسة هيكل السيارة ومناطق التهشّم فيه، والتي ساعدت في
تقليل نسَب الوفيات في حوادث السيارات بصورة كبيرة بعد تطبيقها في سيارات
الركّاب في الخمسينيات من القرن الماضي.
قبل أن تطبّق هندسة هيكل السيارة ومناطق التهشّم فيه، كان تأثير التصادم ينتقل
للركّاب بكامله في وقتٍ وجيز للغاية من دون تخفيف. وفي حين أنه لا يظهر للعيان
تأثير الحادث على بنية السيارة، ولكن عند النظر لحالة الركّاب نجد تأثير الحادث
واضحاً في أجسادهم.
فبحسب قانون نيوتن الأول الذي ينص على أنّ أيّ جسم متحرك سيظلّ محافظاً
على سرعته ومساره ما لم يتعرّض لقوة أو مؤثّر خارجي. فإذا كانت لدينا سيارة
تسير بسرعة 80 كيلومتراً في الساعة، فإنّ ركّابها سيسيرون بنفس تلك السرعة.
وفي حالة توقّفِ السيارة المفاجئ أثناء الاصطدام، فإنّ أجسام الركاب داخلها ستكمل
السير بنفس سرعة السيارة إلّا إذا طرأت قوّة ما أوقفت حركة أجسام الركّاب مِثل
إرتطامهم في أجزاء السيارة الداخلية. لكن في تلك الحالة قد لا تتوقّف أعضاؤهم
الداخلية عن الحركة لتسبّبَ المزيد من الإصابات التي قد تكون مميتة في بعض
الأحيان.
بعد التطور الكبير الذي حصل في هندسة السيارات، كان الهيكل الأحادي ذات مناطق
التهشّم المحددة مسبقاً الحلَّ الأمثل لحماية الركّاب. فهذا الهيكل يضحّي بجسم السيارة
لحماية الركّاب عبر امتصاص جزء كبير من طاقة التصادم قبل أن تصل للمقصورة،
حيث قد لا تنجو السيارة من الحادث ولكنّ احتمالَ نجاة الركّاب يكون كبيراً.
وتعتمد هذه الهندسة على مبدأ بسيط وهو بدلاً من أن تتوقف السيارة فجأةً في لحظة
وجيزة من الزمن، يمكن لمناطق التهشّم في الهيكل زيادة الوقت المستغرق في
التصادم من خلال عمليات التشوّه التي تحصل فيها، وبالتالي تقلّل من قوّة التصادم
بشكل كبير.
فمناطق التهشّم تعطي هيكل السيارة وقتاً أكبر للاستجابة للحادث. فبدلاً من أن تمرّ
قوّة التصادم مباشرةً بالمكوّنات الصلبة للسيارة كالمحرّك وحجرة الركّاب، تحتاج
هذه القوّة للمرور أوّلاً بمناطق التهشّم التي تخفّف من تأثيرها بزيادتها لزمن
التصادم، حيث ترتدّ السيارة في بعض الأحيان أثناء التصادم وتدور حول نفسها
عدة مرات.
وهذا الفعل هو قوّة تمّ إخراجها بعيداً عن السيارة. وفي السياق عينه إنّ إلتواء
أعمدة الهيكل وتشظّي الزجاج وتكسّر البلاستيك في السيارة اثناء الاصطدام، ليست
إلّا أفعال تُقلل من قوّة التصادم، على عكس ما يعتقد البعض.
وبالتالي كلّما تهشمت أجزاء أكثر من السيارة قلَّت قوّة التصادم. والجدير ذكره أنّه
مع تحسّن السيارات في اختبارات التصادم الأمامية، إنصَبَّ الاهتمام الآن بصورة
أكبر على حماية المشاة، ولذلك أصبَحت مقدّمات السيارات أكثر مرونةً مما كانت
عليه في الماضي لتخفّف من تأثير التصادم على المشاة في الطريق وتزيد من فرَص
نجاتهما.