تمّ تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بأمر الله تعالى،
وذلك بعد ستة عشر شهراً من هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة،
وبقي حائط القبلة الأولى في مؤخر المسجد النبوي، فأمر النبي - صلى الله
عليه وسلم - به فظلل أو سقف، وأطلق عليه اسم الصُّفة أو الظلة، ولم يكن
له ما يستر جوانبه.
قال القاضي عياض : الصفة ظلة في مؤخر مسجد رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -
يأوي إليها المساكين، وإليها ينسب أهل الصفة .
وقال ابن حجر : الصفة مكان في مؤخر المسجد النبوي
مظلل أعد لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل .
وأهْلُ الصَّفَّة هم فقراء المسلمين من أصحاب رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ
الذين لم تكن لهم منازل يسكنونها، فكانوا يأوون إلى هذا المكان المظلّل
في المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وعُرفوا بأضياف الإسلام .
قال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:
( وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد )
( البخاري ) .
المهاجرون الأوائل الذين هاجروا قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -
أو معه أو بعده حتى نهاية الفترة الأولى قبل غزوة بدر،
استطاع الأنصار أن يستضيفوهم في بيوتهم وأن يشاركوهم النفقة،
ولكن فيما بعد لم يعد هناك قدرة للأنصار على استيعابهم،
وذلك بسبب انتشار الإسلام وكثرة من يدخلون فيه،
ومن ثم كثر المهاجرون إلى المدينة، فكل من لم يتيسر له أحد يكفله،
أو مكان يأوي إليه، كان يأوي إلى تلك الصفة في المسجد مؤقتا ريثما
يجد السبيل .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد دعوة أهل الصفة لأمر،
عهد بذلك إلى أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ، فدعاهم لمعرفته بهم ..