آية ،، وهداية

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

{ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ـ

العنكبوت 5 ـ
هي بشارة لأهل الرجاء مع أن لقاء الله كناية عن الموت الذي
يقشعر له أهل الخوف .. بين الخوف و الرجاء يعبر القلب
إلى حيث يسمع السميع خفقاته و يعلم العليم خفاياه
.. نحن هنا نتمرن على الألفة مع الموت لاستشعار الشوق إلى المحبوب
فكيف نحبه و لا نرجو لقاءه ؟!

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم

بِاللَّهِ الْغَرُورُ } ـ[ فاطر 5 ]
المعنى القريب هنا قرب المعاد المنافي للاغترار بالدنيا و بالشيطان ،

وهناك أفق أوسع يشمل كل وعد للحق لأن الإنسان حتى المعتقد بالمعاد

يتصرف وكأن لا معاد إما باللهو أو البطش و ذلك بوضع نفسه على سدة

الحاكمية بالجور وكأنه المشرع دون مراعاة يوم الحساب ،يغتر بسطوته

الدنيوية و يغتر بوهم شيطاني ثم تنقطع صلته بالله فلا رحمة و لا عدالة ،

لسان حاله { أنا ربكم الأعلى }.. كم من متنطع بالدين و هو منقطع عن

جماله و جلاله .

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ
رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } [ السجدة 15]
الإيمان حركة الأعماق و المحرك هو التذكير هو تذكرة الطيران نحو
الأعالي ، هذا التحليق يمر عبر منتهى الخضوع التنزيهي بالتسليم ،
ربما يتساءل البعض كيف يتم الترقي بالانحناء ؟ و قد يعلن رفضه لأي
خضوع ، ثم يجد أن التهرب من السجود لله يؤدي به إلى سجود لأوثان
الذات و الشهوات و السلطة و القبيلة و المال و الأولاد .. فالمتكبر على
الواحد تذله الأرقام .

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } [ الحديد 9 ]
النور مفرد و الظلمات جمع .. ظلمات الفكر ظلمات النفس ظلمات القلب
ظلمات البيئة ، الظلمات جيوش لكنها لاتصمد أمام النور لأن النور سبيل
الحق ليس كالمصابيح المعرضة للانكسار و الانطفاء من نظريات يبددها
التطبيق و مفاهيم تهزمها الوقائع ، لا المعارف و لا الحلفاء تغني عن الرأفة
و الرحمة للخروج من الظلمات ..آيات الله بينات ليست ظلامية .

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } [ الذاريات 50 ]
من أي شيء نفر من الذنب إلى الطاعة أم أهم ؟ من الشواغل إلى

الإخلاص أم أهم ؟ مما سوى الحق إلى الحق .. هل هو أصلاً فرار

من شيء معين أم ترك كل شيء و اللجوء إلى الحق ؟ أم هو فرار منه

إليه ، في الإنذار خطر و ليس هناك أخطر من انقطاع الاتصال به ،

نفر من الله خشية الإعراض، نفر إلى الله طلباً لنظرة منه وهو أيضاً

فرار مع الله للفناء في نورانيته ..الفرار من الجلال إلى الجمال

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ
يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}
[الرعد 25]
ثلاث جرائم جريمة تجاه الحق سبحانه و هو الذي لا يخادع وجريمة تجاه
المجتمع المتكون من روابط و جريمة تجاه العالم القائم بالإصلاح ..
المفسدون في الأرض عصابة مضادة للقيم ، إن عهد الله العقيدي بمثل
التوحيد و العهد السلوكي بمثل العدل و العهد الشرعي بمثل العبادة ،
وقطع الصلة يكون مع الأرحام ومع الأخيار و تقطيع مجتمع المؤمنين الذي
هو كالجسد الاحد بالتفرقة ، و الإفساد في الأرض عنوان واسع يتم بالظلم
و الفتن و الحروب .. يستهان بعقاب الطرد من رحمة الله هو أشد من أي
عقاب

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ
إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ }
[ النحل 61 ]
إنه الحلم الإلهي الشامل فإن الله لم يؤاخذ الناس لأنه ترك الدابة على
الأرض مع أن الظلم إنتاج بشري شره يعم حتى من لم يرتكبه إما
لموقفه السلبي أو لأنه يكون ضحية للظلم ، لأن الظلم يؤثر حتى في
الحيوان و البيئة لأنه تلوث كوني ، ولانقول أن المراد بالدابة الكافر بل
كل ما يدب على الأرض ، ولكي لا تنال العقوبة البريء بما يفعل المجرم
يؤخر العذاب إلى الآخرة .. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وما أكثر
هم اليوم .

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا
كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا
جَاءَهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } [ سبأ 34]
مواجهة التخلف للنهضة بثلاث وسائل : 1ـ مواجهة إجتماعية إتباع
المألوف ، 2ـ مواجهة فكرية بالتكذيب ،
3ـ مواجهة نفسية بالمخادعة ، المصلح بين هذه المواجهات يتمسك برسالة
الحق رغم كل التشويهات و تأليب المجتمعات المتخلفة بتقليد الأسلاف
والخضوع لاستلاب الوعي و الإرادة .. نحن مجتمع متخلف لأننا لا نسمع
آيات الحق و التنوير و إنما نقلد و لا نجدد .

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ

وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ} [ الأنفال 30]
الصراع الحتمي الخير و الشر لم يعد مجرد اشتباك مسلح و إنما هو في

أبعد مداه حرب تخطيط بشل الحركة أو التصفية أو النفي ، تلك القوة

العقلية المسخرة للشر بمختلف الوسائل لا بد من مواجهتها بما هو أقوى

و الجزاء من جنس العمل ، فإن رد المكر مكر بأن ينقلب مكر الشر إلى

عكسه لصالح الخير وبهذا يصبح مكر الله أقوى ، الحرب ليس بالجيوش

الجرارة و لا بالصخب و الطرب و إنما هي بالتدبير المحكم لنسف المكر

الخبيث و انقلابه إلى الضد .

عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011

{ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ
الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [هود 44]
الطوفان ليس رواية و إنما يتشخص بتماوجه في هذه اللوحة القرآنية حتى
ليكاد يسيل من الصورة ، فهو يأتي من حيث لا يحتسب الوعي بتحشيد
العناصر و توالي الحركات الطبيعية خارج عاداتها ، و الواوات ووو..
قذائف أمواج بعيدة المدى تحدث متراشقة تختزل الزمن حتى إذا ما هدأت
الأرض و اقلعت السماء وجف الماء سكنت ثورة الطبيعة و سطعت شمس
الفكر على العدالة بعد الظلم ، فوجدنا العقوبة مائية كأنها تغسل عن الأرض
وساخة الجور .

{ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت 65]
حتى لو كانت الآية في مورد المشركين فإنها حالة نجدها حتى عند عموم الغافلين عن ذكر الله لا يذكرونه إلا حين الوقوع في الخطر ولا يقرؤون آياته إلا للموتى ثم يعاودون الاستغراق في الغفلة ، بقدر وضوح الآية بقدر تعقيد هذه الحالة النفسية ، إنها مفارقة مضحكة مبكية قابلة للتكرار .مرة أصابنا حادث في حافلة تعج بالطرب الصاخب وتحولنا إلى أخرى ارتفع فيها ترتيل القرآن فتبسمت بمرارة . اللهم اجعلنا منجذبين إليك في السراء كما في الضراء .

{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ يس 30]
حسرة كل من يمكنه التحسر على هؤلاء ، و لكن كيف تكون الحسرة عليهم و هم الظالمون و الحسرة تكون على الظالمين ؟ ربما لأنهم ظلموا أنفسهم بتفويت منافع الرسالات العظيمة ، أو لأنهم سيجدون عظمة شأن الرسل في الآخرة و انحطاطهم فيدعوا حالهم للحسرة و الرثاء ، ولا مانع من الاحتمالين .. مجتمع يهزأ بالإصلاح ينحدر إلى حفائر الحسرة ، إنها دورة الزمن ..من يبدأ بالاستهزاء ينتهي إلى الحسرة . من الذي يضحك في الآخر ؟

{ وَإِذَا أَرَدْنآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنـها

تَدْمِيراً } [ الإسراء 16]
هنا أمر ففسق فاستحقاق فعقاب ، لا يليق بحكمة أحكم الحكماء أن يأمر بالفسق

ثم يعاقب عليه ( ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له * إياك إياك أن تبتل بالماءِ )

والقراءة بتشديد الميم أمّرنا أشد خطأ ، و إنما هناك أمر وفسق عن الأمر

أي خروج مخالفة ، والمترفون يقودون المجتمعات الخاضعة لهم إلى الدمار

حيث الاستلاب الفكري وعدم التعقل ، لأن المترف يقود المجتمع بثروته

و سطوته ..أنت لكي تنجو من الدمار استقل بعقلك و لا تؤجره .

{ وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوح وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }
[ الإسراء 17]
هلاك الحضارات بعد مخالفة الأمر مثاله مجتمع ما بعد عصر نوح حيث استفحال
الفساد دون الاعتبار بالطوفان هلاك استثنائي ، و هو بالطبع ليس من الذنوب العادية
لتنال هذا الاستحقاق ، ثم كأننا نشعر في تعبير الخبير البصير حكمة علمية ، كأن
في الخبير العلم بالكليات و البصير في العلم بالجزئيات و هو ما يضطرب فيه
الفلاسفة ، و على كل حال هو إجراء عليم حكيم ..لا تكرروا أخطاء الموتى لأنكم
لن تبتكروا مصيراً جديدا و لن تقرروا مهما أبدعتم نهاية مختلفة .

{ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ..}

[الأنعام 108]
المنهج القويم المتميز بالحكمة و الحوار و الموعظة يهدف إلى جذب الآخر

لا تنفيره فضلاً عن استفزازه، بتصرفات تخرج عن أدب الدين لا نتيجة

منها إلا ردود الأفعال المشوهة ، و نحن نستغرب ممن يجد في السب طاعة

وهو كلام فارغ لا ثمرة فيه بل إنه سفه لا يؤدي إلى نصر و لا إلى قوة ، إنما

هو مظهر ضعف نفسي فكري ، القرآن يدعو إلى مخاطبة الفراعنة بقول لين

فكيف لا ينهى عن السب؟ .. المنهج القرآني يتجنب خطاب التنفير حتى مع

الكفار إما لجذبهم أو لإبراز سمو الرسالة .

{ .. كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّة عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

[ الأنعام 108]
كيف يزين الله للناس أعمالهم ؟ ـ أن يوكلهم إلى أنفسهم المنحرفة فيتمادون في

انحراف السلوك إلى انحراف الرؤية بأثر سوء اختيارهم. ــ نقرأ في آيات

أخرى أن الشيطان يزين للإنسان سوء عمله { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ

فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ } و لاحاجة للتأويل أنه زين لهم الحق

فاختاروا الباطل .. يا لسوء استحسان الباطل و تزيينه بالأوهام

{ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ

لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ } [يونس 2]
هل كان لابد أن يكون النبي من غير البشر أو يكون أجنبياً ليسهل قبوله ؟ و لو

جاءهم أجنبي لن يتقبلوا رسالته أيضاً ، سيعدونه دخيلاً مجهولاً و يسهل نبذه

واجتثاثه ، لأن المشكلة ليست في الهوية و إنما في موقف العناد بكل الأحوال

فهم هنا يستكثرون على صاحبهم هذا الخطاب العطيم و يصفونه بالساحر مع أنهم

يعرفون فيه الصدق و الأمانة و أن مكة لم تكن حاضرة ثقافة أوسحر

{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا }

[ الكهف 6 ]
تنهك نفسك من شدة الغيظ و الجهد حزناً على بعد الغافلين عن الذكر

لأنك تحب لهم النور وقد أغرقتهم الظلمة
ترى مصيرهم بينما حجبتهم الغفلة ، بينما كان يمكن أن تحس براحة

الضمير معرضاً عنهم بعد التبليغ و بعد ما عانيت من عنادهم و جلافتهم ،

و لقد كان غيرك يدعوا على قومه بالعذاب و ينسحب إلى شاطيء العذر ، ..

صعب أن يكف الرساليون الكبار عن التعاطف مع المناؤين فلا يجهدوا

أنفسهم لإنقاذ هؤلاء بينما مهمتهم البلاغ فذلك العناء لزوم ما لا يلزم .

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }

[ الرعد 7 ]
العقل المتعصب يجرف معه العقول المغفلة إلى الإعراض عن المعجزة الكبرى

بالتعنت في طلب خوارق حسية
تخرق قوانين الطبيعة مثل نزول مائدة و انفجار الماء من صخرة و انقلاب

العصا إلى أفعى ، مع أن حدوث ذلك لن يهديهم إلى الحق ، و كان عليهم

أن يتدبروا معجزة الكتاب العظمى و يتفكروا في عمق الرسالة بما تتضمن

من خير و رقي ، فليس شغل النبي استعراض هذه الخوارق حسب الطلب

المتعنت و إنما مهمته الهداية .. العقول السطحية تتشبث بالخوارق الظاهرة

لأنها خاضعة للحواس مشلولة العقول محجوبة القلوب .

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ
فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ
خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [ الحج 11 ]
للتطرف أشكال : تطرف سلوكي بالعنف و تطرف فكري بالتعصب أو الجحود
و تطرف نفسي بالاضطرابات ، و الآية ترصد التطرف النفسي من الوقوف
على حافة عصابية في الإيمان المضطرب تحولات المناخ ، أما خسارة الآخرة
فمعلومة و أما خسارة الدنيا فلأن تعبه ذهب هدراً و هو مع ذلك يعاني
الاضطراب و التعاسة ، ذلك هو مآل الإيمان العصابي .. اللهم اجعل نفسي
مطمئنة بقدرك راضية بقضائك .

» الفرق بين هداية الله وهداية النبي