عن جابر – رضى الله – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
” لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على
أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء ، فيستجيب لكم “
الإنسان عجول بطبعه ، كفور فى أكثر أحواله ، كثير الجدل حتى مع نفسه ،
يغضب أحياناً لأتفه الأسباب ، ويثور على من يغضبه حتى ينسى ما قد فعله
به من صنائع المعروف ، وما يكنه له من الاحترام والحب فيسبه ويشتمه
ويدعوا عليه بالويل والثبور وعظائم الأمور .
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لنا بدافع من الحق العميق والود الرفيق :
” لا تدعوا على أنفسكم ” أى بالشر فى وقت الغضب أو وقت الشعور بالنكد
واليأس والجزع ؛ فإن المؤمن يطرد من نفسه بنفسه أى شبح من الأشباح
المثبطة للعزائم والهمم ، والمنافية للتوكل على الله والثقة بفضله، ويعالج
نفسه بنفسه من تلك الآفات التى تعكر صفو الإيمان وتكدر جلوة اليقين .
وقوله ” لا تدعوا على أولادكم ” أى لا تدعوا عليهم إن أساءوا إليكم ،
أو قصروا فى واجب من واجباتكم أو رأيتم منهم ما لا يسركم ؛ فإن ذلك ليس
من الحكمة فى شئ .
ولو دعونا لهم بالهداية والتوفيق لكان ذلك أجدى لنا ولهم فإن حنان الأبوة
يتنافى مع الدعاء بالشر على من هم قرة الأعين وفلذات الأكباد .
وأضاف النبى صلى الله عليه وسلم قوله : ” ولا على أموالكم ” فالمال
عصب الحياة وشريانها الحيوى ، وعمودها الفقرى وطاقتها الفعالة وأساسها
المتين .
وقد علل النبى صلى الله عليه وسلم النهى عن ذلك بقوله :” لا توافقوا من الله
ساعة يسأل فيها عطاء ، فيستجيب لكم ” أى : لئلا توافقوا بدعائكم ساعة منحة
من الله ـ تبارك وتعالى – تكون فيها أبواب القبول مفتوحة ، فيستجب لكم فيما
سألتموه فتندمون على ذلك حيث لا ينفعكم الندم .