إن الموسيقى تعبر عن الواقع الذي يعيشه الانسان ..
و مدى تاثر الانسان بهذه الموسيقى سلبا او إيجابا يتوقف على طريقة
إدراكه للامور ..
بعض الشخصيات رومانسية بطبعها و نلاحظ تاثرها البالغ بالموسيقى
الهادئة .. في حين أن نفس الموسيقى ..
تبدو من وجهة نظر شخص آخر .. نوع من القرقعة !!
و سأشرح الآن تاثير الموسيقى إيجابا في النفس اليشرية :
بما ان الموسيقى تعبير عن الحضارة و بالتالي تعبير عن الواقع ..
فهي تخاطب عقل الانسان .. والعقل الباطني
حصريا .. مرورا بنافذة الشعور..
إن الموسيقى تتغلغل في نفس سامعها لتصل الى عقله الباطن .. وهنا
تقوم بترتيب افكاره التي لا يشعر بها ..
بشكل معين بحيث تصبح أكثر اقترابا من الانسجام .. و بالتالي ينعكس
هذا الانسجام الداخلي في اللاشعور لدى
الانسان على شكل راحة و شعو بأن حملا ثقيلا قد انزاح عن الصدر ..
وفي الحقيقة ان هذا الحمل هو تلك الافكار الغير منتظمة و التي قامت
الموسيقى بتنظيمها ..
و لناخذ مثلا : الموسيقى التي تعزف في الحرب عند قديم الشعوب ..
لاحظوا الرتابة في تلك الموسيقى و التركيز على الآلات التي توضح
الايقاع الثابت بشكل كبير ..
من ناحية أخرى إذا نظرنا الى الامور من وجهة نظر علم النفس :
إن النشاط العقلي و النفسي لدي الانسان قائم على
توازن بين أمرين أساسيين في الجملة العصبية المركزية لدى الانسان :
و هما الكف و التركيز ..
و لاضرب مثالا يوضح المقصد .. : عند التركيز في قضية معينة فإن
خلايا معينة من قشرة الدماغ تكون في حالة نشاط و هذا النشاط يتمحور
حول تلك القضية و لتكن مسألة رياضيات مثلا أو مشكلة اجتماعية أو
أي قضية تشغل الدماغ .....
عند الاستمرار في التركيز فإن خلايا الدماغ تفرز مادة هدفها تثبيط النشاط
و هذا يبدو جليا في حالة الشعور بالتعب والنعاس عند التركيز في
موضوع معين بشكل مستمر و شديد جدا .. و هذف الدماغ من مسألة
إيقاف النشاط هو منع الخلايا العصبية من التسمم ..
أما الكف فهو عكس ذلك تماما .. الكف يعني إيقاف تركيز خلايا الدماغ
بموضوع معين و هذا يعني مساحة شعور كبيرة ..
فإذا استمر التركيز ببشكل مبالغ فيه فإن الدماغ يصبح في إحدى حالتين
إما حالة هياج " إفراط في التركيز " أو حالة وهن " إفراط في الكف "..
الدماغ المثالي هو الذي يحصل فيه توازن بين الكف و التركيز ..
التركيز في مسألة حتى غاية الاحساس بوجوب التوقف عن التركيز وهذا
في حالة التعب .. وهنا يأتي دور الكف وهكذا ..
و المهم في موضوعنا هنا هو بينا اثر الموسيقى في إعادة توازن النشاط
الدماغي لحالته الطبيعية أو شبه الطبيعية ..
عند سماع مقطوعة موسيقية فإنها تستدعي كل ما يمت لتلك النغمات
بصلة من أحاسيس و ذكريات و مشاعر كامنة في النفس ..
و هذا يعني حصول كف في مناطق معية من الدماغ و حصول تركيز
في المناطق التي تستدعي ذكريات اخرى ..
أي حصول راحة في المناطق المكفوفة و جهد في المناطق التي استفزتها
الموسيقى ..
و عندها يشعر الانسان براحتين : راحة لاستدعاء الذكريات التي تكون
في الغالب منسجمة مع الموسيقى و مريحة
للنفس " و إلا لغير المستمع المقطوعة " و راحة أخرى في كف المناطق
التي تعمل شاغلة الذهن و النفس معا
من هنا نلاحظ الدور الكبير الذي تلعبه الموسيقا في توزيع اعباء الدماغ
على كافة خلايا الدماغ ..
و لا يقتصر الامر على ذلك بل يتعداه الى كون الموسيقى تعيد ترتيب
المعلومات التي لا تشكل بحد ذاتها معنى محدد وتجعل منها ذات معنى ..
تقبلوا منيكل المحبة
مثال حكيم ((( إذا اردت ان تعرف حضارة أمة فاسمع موسيقاها )))