قد تعتقد أن الحيوانات والنبابات هى الكائنات الوحيدة التي شيدت لها الحدائق،
ولكن في الحقيقة شهد العالم منذ 80 عامًا حديقة حيوان بشرية.
ويعتبر "معرض الاستعمار" ، أحد هذه الأمثلة الموثقة لوجود حديقة الحيوان
البشرية في باريس عاصمة فرنسا.
وكانت تهدف فرنسا بهذه الحديقة أو المعرض منذ 80 عاما مشاهدة مواطنيها
لنماذج طبق الأصل من الأراضي التي استعمرتها مثل مدغشقر، والهند الصينية،
والكونغو، والسودان، وتونس والمغرب.
ولكي تزيد الأمر سوءًا، كان يسكن تلك الحديقة بشر حقيقون ليمثلوا بلادهم، وكان
لكل بلد قسم خاص.
وتعتبر تلك الحديقة موطنًا لعدد لا يحصى من الجرائم اللإنسانية، وبالرغم من
محاولة الشعوب إنساب هذا الفعل المهين للماضي، إلا أنه من الضروري أن
نتذكر الأفعال المروعة لأصحاب السلطة والاستعمار.
حدائق البشر أو قرى العبيد هي أماكن كحدائق الحيوانات ولكن نزلائها من البشر!!
أطفال ونساء ورجال جُلبوا من أفريقيا وأماكن أخرى جبراً لعرضهم كحيوانات أمام
أناس فقدوا أبسط معاني الإنسانية!!
انتشرت هذه الحدائق في القرنين التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث بدأ
الأمر في المكسيك عندما عُرض بعض البشر المصابين بإعاقات جسدية أو غريبة
كالأحدب والأمهق (شديد البياض) والأقزام إلى جانب حيوانات الحدائق، وفي بدايات
عصر النهضة امتلك كاردينال الفاتيكان هيبوليتوس ميديشي مجموعة من البشر من
التتار والمور والأفارقة والأتراك والبرابرة ليضمها إلى الحيوانات النادرة في حديقته
الخاصة.
وانتشرت الحدائق في العديد من المدن الكبرى في العالم كلندن وبرشلونة ونيويورك
ووارسو وباريس وهامبرغ وغيرها الكثير كما احتوت هذه المعارض على العديد من
الأصول البشرية منها الأفارقة والأسكيمو والتتار والسورينام والهنود الأمريكان
والفلبينيين والأتراك. كانت هذه الحدائق من أكثر الأماكن جذباً ودرّاً للأرباح، فعند
إقامة معرض أو فتح حديقة جديدة كان يأتي أكثر من 400,000 زائر، وفي عام
1831 بلغ عدد زوار الحديقة الموجودة في باريس وحدها 34 مليون زائر خلال
ستة أشهر فقط !!
اختفت كافة هذه الحدائق مع مرور الوقت، حيث سُنّت القوانين التي تُحرّم العبودية
والأسر بل وقدّموا لأصحاب الأقليات العرقية والسكّان الأصليين الامتيازات المختلفة
والحماية وساعدتهم على حفظ تراثهم وعاداتهم وشجعتهم على البقاء في أماكن سكنهم
الأصلية، ولكن للأسف ما زال هناك فئة من الناس تستهدف أصحاب الإعاقات
الجسدية من الفقراء لغايات التسول …
انتشرت أفكار هذا النوع من المعارض في بعض المدن اليابانية، فقد كان يتم عرض
النساء اليابانيات كجواري في أقفاص أمام الناس!!
في عام 1881 تم خطف هؤلاء الهنود الخمسة من قبيلة “Kawesqar ”
في تشيلي وجلبهم إلى إحدى الحدائق الأوروبية وماتوا جميعاً خلال عام
واحد فقط!!