دار الغرور ...

ان الدنيا قد اقبلت علينا بزخارفها فاقبلنا نتهارش عليها ونتنافس على حطامها,
,ولقد حذرنا منها العليم حيث قال(فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله
الغرور)) كما قال(وما هذه الحياة الدنيا الا لعب ولهو وان الدار الاّخرة
لهى الحيوان لو كانوا يعلمون))
وقال المعصوم عليه افضل الصلاة واتم التسليم مالى وللدنيا,,انما مثلى
ومثل الدنيا كمثل راكب استظل فى ظل شجرة ثم راح وتركها) كما قال :
(الدنيا ملعونة ملعون مافيها,,الا ذكر الله وما والاه,,وعالما ومتعلما)..
والدنيا كاحلام نوم او كظل زائل..ان اضحكت قليلا ابكت كثيرا وان سرت
يوما ساءت اياما وان متعت قليلا منعت طويلا,, وما حصلت للعبد سرورا
الا وخبأت له اضعاف ذلك شرورا..قال عنها سيدنا على ابن ابى طالب
( حلالها حساب وحرامها عذاب)..ولقد رؤى رضى الله عنه وقد ارخى
الليل سدوله وغارت نجومه,,رؤى قابضا على لحيته يتململ تململ
الخائف ويبكى بكاء الحزين وهو يقول( يا دنيا,,الى تعرضت ام الى
تشوقت..هيهات هيهات,,غرى غيرى,,ف لقد ابنتك ثلاثا لا رجعة لى
فيك,,ف عمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير..اّه من قلة الزاد
ووحشة الطريق)..
قال الشاعر: وما هى الا جيفة مستحيلة عليها كلاب همهن اجتذابها
فان تجتنبها كنت سلما لاهلها وان تجتذبها نازعتك كلابها
قال سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه (ويل لمن كانت الدنيا امله
والخطايا عمله)..وقال الامام ابن القيم رحمه الله(ان عمر الدنيا والله قصير
واغنى غنى فيها فقير..وكأنى بك فى عرصة الموت وقد استنشقت ريح
الغربة قبل الرحيل,,ورأيت اثر اليتم فى الولد قبل الفراق,,ف تيقظ اذن من
رقدة الغفلة وانتبه من السكرة واقلع حب الدنيا من قلبك,,ف ان العبد اذا
اغمض عينيه وتولى تمنى الاقالة فقيل كلا)..
لا تركنن الى الدنيا وما فيها فالموت لاشك يفنينا و يفنيها
واعمل لدار غدا رضوان خازنها والجار(احمد) والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
قال الحسن البصرى رحمه الله (عجبت لقوم امروا بالزاد ونودى فيهم
بالرحيل وهم يلعبون)!!!..ان فى القيامة لحسرات وان عند الميزان
لزفرات..فريق يرقى الى الدرجات وفريق يهبط الى الدركات..وليس ذم
الدنيا والتحذير منها المراد به تحريم حلالها ومنع المشى فى مناكبها,,فهى
مزرعة الاّخرة وهى المحطة التى يتزود منها المؤمن,,لكن التحذير خوفا
من الافتتان بها وانشغالنا بها عن الاّخرة..قال سلمة بن دينار رحمه الله
(ما احببت ان يكون معك فى الاّخرة فقدمه اليوم ,,وما كرهت ان يكون
معك فى الاّخرة فاتركه اليوم)..
اخى…ان الدنيا وراؤك والاّخرة امامك,, والطلب لما وراؤك هزيمة..خلقت
الدنيا لتجوزها لا لتحوزها,,ولتعبرها لا لتعمرها,,ومن فعل فيها ما شاء
لقى غدا منها ما ساء..
قال ابو نواس بعد ان هداه الله: منتك نفسك ان تتوب غدا او ما تخاف
الموت دون غد؟؟
الموت ضيف فاستعد له قبل النزول بافضل العدد
واعمل لدار انت جاعلها دار المقامة اّخر الامد
يا نفس موردك الصراط غدا فتأهبى من قبل ان تردى
ما حجتى يوم الحساب اذا شهدت على بما جنيت يدى؟؟
قال تعالى(حتى اذا جاء احدهم الموت قال ربى ارجعون لعلى اعمل
صالحا فيما تركت كلا……..)الاّية..اخوة الايمان..افيقوا قبل ان
تستفاقوا,,فما هى الا لحظات و يعبر احدنا الى حيث السؤال وملاقاة
العمل..فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل..