أمرأة من الحور العين(أم رومان زوجة أبو بكر الصدّيق )

أمرأة من الحور العين(أم رومان زوجة أبو بكر الصدّيق )
ها قد بدت مكة م‘ أشراقة الصباح يتوسطها البيت العتيق الذي جعله الناس مثابة للناس وأمنا ...
وهاهو ذا ركب صغير يتجه نحوها ..ركب مؤلف من رجل وامرأة وإبنهما..
أما الرجل فاسمه (عبد الله بن الحارث بن سخبرة الأزدي)وزوجه هي (أم رومان بنت عمر بن عويمر)
امرأة ذات جمال وأدب وفصاحة عرفت بالصلاح والصدق والوفاء ...وعلى عادة العرب آنذاك كان لا بد لعبد الله بن الحارث
أن يدخل في حلف أحد من أهل مكة البارزين يحتمي به فحالف عبد الله بن أبي قحافة"أبا بكر الصدّيق"
وكان ذلك قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم...
ولم يمضي وقت طويل حتى توفي عبد الله ابن الحارث تاركا وراءه أم رومان وابنها... فتقدم أبو بكر الصدّيق لخطبتها
ليخفف عنها وعن ابنها آلام الوحدة والغربة فيكرم بذلك ابن الحارث بعد مماته وكانت تلك المروءة من شمائل العرب المعروفة
وقبلت أم رومان فكان أبو بكر خير زوج يحسن معاملتها ويكرمها وابنها خير إكرام.. فأنجبت منه السيدة عائشة وعبد الرحمن رضي الله عنهما..
ثم أرسل الله رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام فكان سيدنا أبو بكر رضي الله عنه أول من أسلم ودعا أهل بيته الى الإسلام
فأسلمت أم رومان وكانت من ثلّة النساء اللاتي فزن بالإسلام منذ إشراقته الأولى واتبعن النبي صلى الله عليه وسلم...
وكانت أم رومان رضي الله عنها مثال الزوجة الصالحة التي تقف الى جانب زوجها تخفف آلامه وتواسيه في تلك الأيام القاسية
التي يمر بها المسلمون الأوائل فكانت تشد من أزره وتشاركه في حماسته وما يبذله في سبيل الدعوة من أجل نصرة الحق
وتحرير الكثير من المسلمين المستضعفين ... والى جانب ذلك كانت نعم الأم الحانية المربّية
فقد ربّت ولديها عبد الرحمن وعائشة أحسن تربية ..ورعتهما أحسن الرعاية...
وكما عرف سيدنا أبو بكر رضي الله عنه بالصدّيق لشدة تصديقه للرسول صلى الله عليه وسلم كانت أم رومان رضي الله عنها
متمثلة معاني الصدق كاملة.. بل متمثلة الأخلاق العليا وحسن التصرف والأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع زوجها ...
وكانت أسرة الصدّيق رضي الله عنه قد حظيت بشرف لا يدانيه شرف ألا وهو مصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد خطب النبي الكريم عائشة رضي الله عنها ولم تلبث أم رومان أن أصبحت حماة أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم...
وحين امتحن الله المسلمين تلك المحنة الرهيبة في حادثة الإفك التي حاكها المنافقون ليسيئوا الى بيت النبوة
وكان على رأسهم في ذلك الحدث عبد الله بن أبيّ بن سلول وقفت أم رومان موقف المؤمنين الصابرين المحتسبين ..
وأوكلت أمرها إلى الله الذي يتولى الصالحين وكتمت الخبر عن ابنتها إشفاقا عليها ...
ولما علمت عائشة رضي الله عنها النبأ ظلّت تبكي حتى كادت تنفلق كبدها وراحت تلوم أمها كيف أخفت عنها ذلك الخبر المريع
والناس يتناقلونه وهي في غفلة من ذلك .. فقالت أم رومان رضي الله عنها تخفف عنها:أي بنية!
هوّني عليك الشّأن فوالله لقلما كانت امرأة حسناء عند زوج يحبها ولها ضرائر إلا كثّرن وكثّر الناس عليها .
.ومضت أيام شاقّة من حياة المسلمين حتى نزل الوحي الأمين حاملا البراءة لأم المؤمنين رضي الله عنها
وصان الله عز وجل البيت النبوي الشريف وردّ كيد المنافقين والمرجفين إلى نحورهم وجعلهم الأذلين..
وظلّت أم رومان رضي الله عنها خلال هذه المحنة مثال المؤمنة الصابرة المحتسبة الواثقة بوعد ربها ..
وظلّت كذلك تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم كل تقدير واحترام في حياتها وعند وفاتها...
ففي شهر ذي الحجة من السنة السادسة للهجرة فاضت روحها المؤمنة ..
فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرهاواستغفر لها وقال:"اللهمّ لم يخفى عليك ما لقيت أم رومان فيك وفي رسولك"...
وفي وداع هذه الصحابية الكريمة زوجة الصدّيق وأم الصدّيقة سوى ان نذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيها
"من سرّه أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر الى أم رومان"