من صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ملك القرآن كيانه
فبرع في قراءته وتعليمه للناس، ومن هؤلاء صحابي جليل كان أجسن الصحابة قراءة
للقرآن الكريم، تحكي عنه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فتقول: "أبطأت على
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
ما حسبك يا عائشة؟ قالت يا رسول الله، إن في المسجد رجلاً ما رأيت أحداً أحسن
قراءة منه، فذهب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك".
إنه الصحابي الجليل سالم مولى أبي حذيفة الذي كان فارسيًا وتم أسره صغيرًا فأصبح عبدًا،
وقد تربي بمكة وسمع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسارع إليه للدخول إلى الإسلام
بعدما شرح الله صدره إليه، ولحسن حظه أن مولاته ثبيتة بنت يعار الأنصارية،
وزوجها أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة قد أسلما أيضًا، وكان سالم بمنزلة الولد بينهما،
فاعتقت ثبيتة مولاها سالماً وحررته لوجة الله فتنباه أبو حذيفة وألحقه بنسبه يدعى بسالم
بن أبي حذيفة ثم زوجه بابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، حتى تزلت آية تحريم التبني.
وقد ملك حب القرآن شغاف قلب سالم فصار بارعًا في قراءته حتى قال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم:
"خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل".
وبعد الهجرة النبوية المشرفة كان سالم رضي الله عنه يؤم المسليمن ويقرأ عليهم القرآن
في مسجد قباء أول مسجد بني في الإسلام.
وقد استشهد سالم مولى أبي حذيفة في معركة اليمامة، ولعظيم فضله مكانته أنه في خلافة
سيدنا عمر بن الخطاب
رضي الله عنه وعندما طعن عمر قيل له لو استخلفت من بعدك فقال: من لى بمحب أمين
لو كان ابن الجراح حياً لاستخلفته ففيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمين هذه الأمة
أبو عبيدة بن الجراح، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لاستخلفته وإذا سألنى ربي قلت:
إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن سالما شديد الحب لله عز وجل".
وقد سمى عمر بن الخطاب ولده سالماً حبا به وتيمناً ان يكون مثله رضى الله عنهما.