و لهذا كان عباد الشياطين و الأصنام يذبحون لها الذبائح أيضا فالذبح للمعبود غاية الذل و الخضوع له ولهذا لم يجز الذبح لغير الله و لا أن يسمى غير الله على الذبائح و حرم سبحانه ما ذبح على النصب و هو ما ذبح لغير الله و ما سمى عليه غير إسم الله و إن قصد به اللحم لا القربان و لعن النبى صلى الله عليه و آله و سلم من ذبح لغير الله و نهي عن ذبائح الجن و كانوا يذبحون للجن بل حرم الله ما لم يذكر إسم الله عليه مطلقا كما دل على ذلك الكتاب و السنة فى غير موضع .
وقال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في شرحه لثلاثة أصول ص42 وما بعدها : الذبح والنحر عبادة، المقصود منها إراقة الدم، وإراقة الدم -من حيث هو- لا يكون إلا بتعلقٍ للقلب، فإذا أراق الدم لله جل وعلا تعلق القلب بالله جل وعلا. فالذبح عبادة ظاهرة يتبعها أو يكون معها عبادة باطنة قلبية، فمن ذبح لغير الله وقع في شرك ظاهر؛ لأن هذه عبادة صرفها لغير الله، وكذلك قلبه تعلق بغير الله فصار شركه من جهتين......
الذبح كما أنه عمل ظاهر وهو إراقة الدم، والدم الذي بَثَّهُ في أعضاء المذبوح هو الله جل وعلا، وهو علامة الحياة، فلا يُزهق إلا لمن خلَقه، ولمن بثه في أعضاء من به الحياة. ولهذا قال العلماء إن العبد حال الذبح يجتمع في قلبه أنواع من العبوديات: * منها الذل لربه جل وعلا. * ومنها التعظيم له جل وعلا. * ومنها الرجاء؛ رجاء ما عنده حال ذبحه. * ومنها طلب البركة؛ لأنه ما ذبح إلا لله.
وهذه كلها عبادات قلبية، فكما أن الذبح عمل ظاهر؛ به تحريك اليد، تحريك اللسان ببعض القول، كذلك يقوم بالقلب حال الذبح أنواع من العبوديات،
قد ما يقوم بالقلب شيء البتة، مثل ما يُذبح لضيافة أو نحو ذلك، فهذا يجب أن يكون ظاهرا لله جل وعلا وحده، وإذا اجتمع أن يكون في الذبيحة، أن تكون اجتمعت فيها العبادة الظاهرة والعبادة الباطنة؛ العبادة القلبية، كانت أكمل في رجاء ثواب الذبح، ولو كان في الأمور العادية من ضيافة ونحوها، فيكون الذبح لله جل وعلا ظاهرا لم يُرد بهذا إلا الله جل وعلا، وباسمه لم يذكر إلا اسم الله جل وعلا، ثم يكون بالقلب ذل لله جل وعلا وخضوع وتعظيم ورجاء المثوبة منه وحده، فتجتمع العبادات القلبية وعبادات الجوارح حال الذبح.
لهذا، الذبح من العبادات العظيمة، لكن قد يغفل الناس عن تعلق القلب وفعل الجوارح حين الذبح، وكيف تكون لله جل وعلا، ولهذا على طالب العلم أن يتعلم هذا إن لم يحسنه، يتعلم كيف يكون حال الذبح؛ حال ذبحه لذبيحته للأضحية وهي آكد وآكد وآكد، أو لغيرها، أن يكون موحدا تماما، يرجو في ذبحه أن يكون على غاية من العبودية في لسانه وقلبه وجوارحه: لأنه فيه حركة لسان للتسمية والتكبير وفيه عمل القلب بأنواع من العبوديات ذكرت بعضها، وفيه أيضا حركة اليد، وهذا كله مما يجب أن يكون لله جل وعلا وحده