وقفة مع آيه ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )
عندما تنشر القرآن بين يديك , وتبدأ بترتيله , فكأنك حينئذ تلج في عالم غير عالمك ,
قد تشعر وانت تقرأ ذلك الكتاب الذي انزل على صدر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم,تشعر وكأنك تغوص في بحر زاخر مترامي الابعاد, اينما نظرت , تجده قد اودع الله فيه من عجائب الدرر ونفائس اللجين .
بحر لا تدرك مدارك العقول والاوهام غايته وتعجز عن احصاء بعض كنوزه .
كلما التقطت منه درة , تفتحت لك عن درر هي اعجب من اولاها.
وكل درة . توقفك متأملا في عظيم قدرة الله وحكمته .
وان مما فيه ,
تكرار قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى ) خمس مرات في القرآن الكريم , وبنفس العبارة , الا في قوله تعالى ( الا تزر وازرة وزر أخرى )وذلك بأستبدال الواو الى ألف.
1/قوله تعالى (*قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(الأنعام أيه رقم164
2/قوله تعالى(*مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا)الإسراء أيه رقم 15
3/قوله تعالى(*وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ( فاطر أيه رقم 18
4/قوله تعالى(*إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ( الزمر أيه رقم7
5/قوله تعالى*( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) النجم أيه رقم 38
بوقفة وتأمل : نسأل :
لماذا هذا التكرار ؟!
وهل قصر البيان فأحتاج الى التكرار؟!
ام عجزت البلاغة عن ايجاد صيغة غير التكرار ؟!
ان هذا محال , فالقرآن معجزة في البلاغة والبيان .
ان القرآن قد أحكمت آياته وفصلت من لدن عليم خبير.
انه بذلك التكرار يريد ان يرسخ فينا مبدأ العدل والانصاف وعدم التعدي على الآخرين .
انه بذلك يخبرنا , ان من منهج الاسلام ان يطبق العدل الألهي ان كان في هذه الدنيا, وانه لكذلك في الآخرة.
يريد منا ان نسود العدل في جميع امورنا , وان لا نجعل لنزعاتنا النفسيه سبيلا لظلم غيرنا .