اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: معنى اسم الله تعالى " الحكيم " السبت 28 يناير 2017 - 15:46
اسم الله " الحكيم " على وزن " فعيل " . و(فعيل) ، من الناحية الصرفية : صيغة مبالغة ، إما من : - وزن " فاعل " ؛ فتكون "حكيم" بمعنى : "حاكم" . فالله تعالى هو "الحاكم" لخلقه ، لا ينازعه في حكمه (الكوني ـ القدري) أحد . وهو ـ أيضا ـ "الحاكم" فيهم ، بحكمه الشرعي ، الذي لا مبدل له ، ولا معقب لأحكامه ، جل سبحانه. قال الله تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) الأنعام (57) . فلا راد ولا معقب لحكمه . قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) الرعد (41) . ولا حكم أفضل من حكمه . قال الله تعالى : ( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) يونس (109) . - أو هو صيغة مبالغة "فعيل" ، بمعنى : "مُفْعِل" ؛ أي : هو (مًحْكِم) . فهو ـ سبحانه ـ قد أحكم خلقه ، وأتقنه ، وأحسنه ، وأجمله . قال الله تعالى : ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) النمل (88) . قال الخطابي رحمه الله تعالى : " الحكيم: هو المحكِم لخلق الأشياء . صُرف عن (مُفْعِل) إلى (فعيل) ، كقولهم: أليم بمعنى: مؤلم ، وسميع بمعنى: مُسْمِع ... ومعنى الإحكام لخلق الأشياء ، إنما ينصرف إلى : إتقان التدبير فيها ، وحسن التقدير لها . إذ ليس كل الخليقة موصوفا بوثاقة البنية ، وشدة الأسر ، كالبقة ، والنملة ، وما أشبههما من ضعاف الخلق؛ إلا أن التدبير فيهما ، والدلالة بهما على كون الصانع ، وإثباته ، ليس بدون الدلالة عليه بخلق السموات والأرض والجبال وسائر معاظم الخليقة . وكذلك هذا في قوله جل وعز: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) : لم تقع الإشارة به إلى الحسن الرائق في المنظر ؛ فإن هذا المعنى معدوم في القرد ، والخنزير ، والدب ، وأشكالها من الحيوان ؛ وإنما ينصرف المعنى فيه إلى : حسن التدبير في إنشاء كل شيء مِن خلقه ، على ما أحب أن يُنشئه عليه وإبرازه على الهيئة التي أراد أن يهيئه عليها. كقوله تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)". انتهى . "شأن الدعاء" (ص 73 - 74) . - والمعنى الثالث : أن (الحكيم) هو : (ذو الحكمة) . قال ابن الأثير : " وقيل : الحكيم: ذو الحكمة . والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم " انتهى من "النهاية في غريب الحديث" (1 / 419) . والله سبحانه وتعالى لا يتصرف في هذا الكون ولا يأمر ولا ينهى إلا لحكم عظيمة ، ولا يصدر منه شيئ خال من الحكمة ؛ لأن الفعل والتصرف الخالي من الحكمة هو فعل وتصرف باطل وعبث ، والله تعالى منزه عن ذلك . قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص (27) . وقال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) المؤمنون (115) . فالحاصل ؛ أن اسم الله " الحكيم " يشتمل على عدة معان متلازمة ، لا تناقض بينها ، فيجوز تفسيره بجميع المعاني السابقة ؛ لأن الاسم الواحد الذي تشترك فيه عدة معان ، يجوز تفسيره وحمله على جميع معانيه مالم يمنع من ذلك مانع . ينظر : "أضواء البيان" للشنقيطي (2 / 19) . قال الشيخ السعدي رحمه الله : " ( الحكيم ) : وهو الذي له الحكمة العليا في خلقه وأمره ، الذي أحسن كل شيء خلقه ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) . فلا يخلق شيئا عبثا ، ولا يشرع شيئا سدى ، الذي له الحكم في الأولى والآخرة ، وله الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك ، فيحكم بين عباده ، في شرعه ، وفي قدره وجزائه . والحكمة: وضع الأشياء مواضعها ، وتنزيلها منازلها " انتهى . " تفسير السعدي" (ص 945) .